واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ١٩٧
مما بين الله تعالى والعبد، وأما غير ذلك فلا يعني عدم جواز التقية فيه مع الخوف من القتل، كما يفهم من عبارة ابن العربي المالكي، قال في تفسير قوله تعالى:
(الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق) (1)، هذا: دليل على نسبة الفعل الموجود من الملجأ المكره إلى الذي ألجأه وأكرهه، ويترتب عليه حكم فعله، ولذلك قال علماؤنا: إن المكره على اتلاف المال يلزمه الغرم، وكذلك المكره على قتل الغير يلزمه القتل (2).
بمعنى أن التقية في إتلاف المال جائزة، ولكن الغرم يكون على من أكره على الاتلاف.
اما القتل فلا يجوز تقية، ويقتل القاتل - كما صرح به آنفا - ولكن القصاص يسري إلى المكره فيقتل أيضا.
أما أبو حيان الأندلسي المالكي (ت / 754 ه‍) فيرى صحة التقية من كل غالب يكره بجور منه، فيدخل في ذلك الكفار، وجورة الرؤساء، والسلابة، وأهل الجاه في الحواضر.
كما تصح التقية عنده في حالة الخوف على الجوارح، والضرب بالسوط، والوعيد، وعداوة أهل الجاه الجورة، وانها تكون بالكفر فما دونه، من بيع وهبة ونحو ذلك (3).
وقد فصل القرطبي المالكي (ت / 671 ه‍) القول فيما تصح فيه التقية، وسنذكر - مع الاختصار - بعض ما ذكره، على النحو الآتي:
1 - تجوز التقية في تلفظ كلمة الكفر ولا شئ على المكره مع اطمئنان القلب

(١) أحكام القرآن / ابن العربي 3: 1298.
(2) م. ن 3: 1298.
(3) البحر المحيط / أبو حيان 2: 424.
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»