واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ١٨٣
وإنما كان عالما منصفا لا تخشى بوادره.
ومنها: انه كان يرى التقية، لأنه شارك السيد الحسني في ترك هذا الأسلوب من الحديث، والخوض في غيره، لا سيما وأنه قال: (فتركنا) و (وخضنا).
ومنها: تخوف العلماء من الحديث عن علي عليه السلام، حتى في أواخر الدولة العباسية، وما يستتبع خوفهم هذا من التقية.
على أن ما جرى لابن أبي الحديد والسيد الحسني مرة واحدة، يجري كل يوم مرات، ولو راجع الإنسان نفسه لوجد انه قد طبق هذا الموقف في حياته، أو أدركه من غيره، وما أكثر الكلام الذي تغير مجراه التقية، أو تحوله إلى همس فجأة!
80 - يحيى بن شرف النووي الشافعي (ت / 676 ه‍):
بين النووي في شرح حديث صحيح مسلم الخاص بذكر الدجال وفتنته الدلائل التي يعجز عنها الدجال على الرغم مما يظهر على يديه من المخاريق، ثم قال: ولهذه الدلائل وغيرها لا يغتر به إلا رعاع الناس لسد الحاجة والفاقة، رغبة في سد الرمق، أو تقية وخوفا من أذاه، لأن فتنته عظيمة جدا، تدهش العقول، وتحير الألباب... (1).
أقول: إن اغترار الرعاع من الناس بالدجال ممكن، والتعليل بسد الحاجة والفاقة ممكن أيضا، أما من يتقيه فلا يمكن أن يغتر به، وإن حصلت تقية

(1) صحيح مسلم بشرح النووي 18: 59 - باب ذكر الدجال.
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»