واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ١٩٠
تمهيد:
مر في الفصل الأول أن التقية لا تجوز اختيارا من غير اكراه من ظالم عليها، ولم أقف على من صرح من علماء الإسلام - بشتى مذاهبهم وفرقهم - من أباحها اختيارا، وإنما اتفقوا جميعا على تقييدها بحالات الإكراه.
ولهذا نجد الفقهاء قد خصصوا في كتبهم الفقهية كتابا بعنوان الإكراه تناولوا فيه جميع ما يتعلق بالتقية من أمور ومسائل، بيد أن بعضا منهم لم يفرد للاكراه كتابا خاصا، وإنما وزع مسائله على كتب الفقه من عبادات، ومعاملات، وعقود، وايقاعات، وذلك بحسب مسائل الإكراه المتعلقة بهذه الكتب، كالإمام مالك بن أنس (ت / 179 ه‍) في المدونة الكبرى، حيث لم يجمع مسائل الإكراه تحت عنوان واحد، وهذا ما يتطلب من الباحث المزيد من الجهد والوقت لتتبع هذه المسائل لمعرفة الرأي الفقهي فيها، هذا فضلا عن ضخامة كتب الإكراه نفسها في الدورات الفقهية المعروفة لدى المذاهب الإسلامية، كالمبسوط للسرخسي الحنفي (ت / 490 ه‍) حيث خصص معظم الجزء الرابع والعشرين للاكراه، وقد تعرض لموضوع التقية وأحكامها وتفصيلاتها بشكل مستوعب ومطول، وهكذا فعل غيره من فقهاء المذاهب الأخرى، بما لا يمكن معه استيعاب ما ذكروه جميعا في هذا الفصل، إذ
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 194 195 196 197 198 ... » »»