واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ١٨٠
نصه: إعلم إن الكذب ليس حراما لعينه، بل لما فيه من الضرر على المخاطب أو على غيره، فإن أقل درجاته أن يعتقد المخبر الشئ على خلاف ما هو عليه فيكون جاهلا، وقد يتعلق به ضرر غيره.
ورب جهل فيه منفعة ومصلحة، فالكذب محصل لذلك الجهل، فيكون مأذونا فيه، وربما كان واجبا.
- ثم قال -: الكلام وسيلة إلى المقاصد، فكل مقصود محمود يمكن التوصل إليه بالصدق والكذب جميعا، فالكذب فيه حرام.
وإن أمكن التوصل إليه بالكذب دون الصدق، فالكذب فيه مباح، إن كان تحصيل ذلك القصد مباحا، وواجب إن كان المقصود واجبا، كما أن عصمة دم المسلم واجبة. فمهما كان في الصدق سفك دم امرئ مسلم قد اختفى من ظالم، فالكذب فيه واجب (1).
وقال أيضا: فللرجل أن يحفظ دمه وماله الذي يؤخذ ظلما، وعرضه بلسانه وإن كان كاذبا (2).
ثم بين الغزالي عدم جدوى الصدق في بعض الحالات فقال: فلو صدق الإنسان في مواضع الضرر تولد من صدقه محذور، فكان عليه أن يقابل أحدهما بالآخر، ويزن بالميزان القسط، فإذا علم أن المحذور الذي يحصل بالصدق أشد وقعا في الشرع من الكذب فله أن يكذب.
وإن كان المقصود أهون من مقصود الصدق، فيجب الصدق. وقد يتقابل

(1) إحياء علوم الدين / الغزالي 3: 137.
(2) م. ن 3: 138.
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»