واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ١٨٥
وقد صح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال في ذلك العصر الأول: حفظت من رسول الله (ص) وعاءين، فأما أحدهما فبثثته في الناس، وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم... (1).
84 - المراغي (ت / 1364 ه‍):
عمم الشيخ محمد مصطفى المراغي العمل بالتقية - قولا وفعلا - ولم يقيدها بالإكراه على تلفظ كلمة الكفر، بل أخرجها - إن صح التعبير - عن دائرة الإكراه الفردي، وأباحها للدول الإسلامية عند تعاملها مع الدول الأخرى، كما لم يقيد التقية بحالات الخوف أو الضعف عند الإكراه عليها، بل أطلق استعمالها في جميع ما يعود بالنفع للدول الإسلامية، ومصالح المسلمين، وفي كل آن وزمان، وفي الشدة والرخاء.
قال: فلا مانع من أن تحالف دولة إسلامية دولة غير مسلمة لفائدة تعود على الأولى، إما بدفع ضرر، أو جلب منفعة، وليس لها أن تواليها في شئ يضر بالمسلمين، ولا تختص هذه الموالاة بحال الضعف، بل هي جائزة في كل وقت، وقد استنبط العلماء من هذه الآية (3: 28) جواز التقية بأن يقول الإنسان، أو يفعل ما يخالف الحق، لأجل التوقي من ضرر الأعداء، يعود إلى النفس، أو العرض، أو المال...
ويدخل في التقية مداراة الكفرة، والظلمة، والفسقة، وإلانة الكلام لهم، والتبسم في وجوههم، وبذل المال لهم لكف أذاهم، وصيانة العرض منهم، ولا يعد هذا من الموالاة المنهي عنها، بل هو مشروع.

(1) تفسير القاسمي (محاسن التأويل) 4: 82.
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»