واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ١٧٥
الحنابلة، فقال: قد كان صاحبكم هذا - أي: أحمد بن حنبل - يقول: لا تقية إلا في دار الشرك. فلو كان ما أقر به من خلق القرآن كان منه على وجه التقية، فلقد عملها في دار الإسلام.. ولو كان ما أقر به على الصحة والحقيقة فلستم منه وليس منكم، على أنه لم ير سيفا مشهورا، ولا ضرب ضربا كثيرا، ولا ضرب إلا الثلاثين سوطا، مقطوعة الثمار، مشبعة الأطراف، حتى أفصح بالإقرار مرارا ولا كان في مجلس ضيق، ولا كانت حالته مؤيسة، ولا كان مثقلا بالحديد، ولا خلع قلبه بشدة الوعيد... (1).
أما في عهد المتوكل (ت / 247 ه‍)، فقد ارتفعت المحنة عنه، حيث أظهر المتوكل ميله نحو المدرسة السلفية، وأرغم الناس على التسليم والتقليد، ونهاهم عن المناظرة والجدل، وأمر الفقهاء والمحدثين بالرد على أصحاب المدرسة العقلية وشجعهم على ذلك، وأمدهم بالأموال وكل ما يحتاجون إليه في سنة / 234 ه‍، فبالغوا في الثناء عليه حتى قالوا: الخلفاء ثلاثة: أبو بكر الصديق رضي الله عنه في قتل أهل الردة، وعمر بن عبد العزيز في رد المظالم، والمتوكل في إحياء السنة وإماتة التجهم (2).
وفي ظل تلك الظروف المؤاتية أعلن الإمام أحمد بن حنبل رأيه بصراحة في مسألة خلق القرآن، فقال: ومن زعم أن القرآن كلام الله ووقف، ولم يقل ليس بمخلوق، فهو أخبث من القول الأول (3). أي: أخبث من القول بخلق القرآن.

(1) الإمام الصادق والمذاهب الأربعة / العلامة أسد حيدر 2: 459.
(2) تاريخ الخلفاء / السيوطي: 346.
(3) طبقات الحنابلة 1: 29 - نقلا عن بحوث مع أهل السنة والسلفية / الروحاني:
183.
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»