كما لعن من يقول القرآن كلام الله ويسكت، فقال: وقالت طائفة: القرآن كلام الله وسكتت، وهي الواقفة الملعونة (1).
أقول: لا سبيل إلى إنكار تقية الإمام أحمد بن حنبل في هذه المسألة على جميع التقديرات، وهي واقعة منه لا محالة سواء صح ما عن اليعقوبي والجاحظ، أو لم يصح - عنهما - ذلك.
أما مع القول بصحة ما ذكراه، فالتقية واضحة، ولا لبس فيها.
وأما مع عدمه، فلا إشكال في وقوع التقية أيضا، لأن سكوته في عهد المأمون - إذا ما قورن بتصريحه في عهد المتوكل - سيكون من أوضح مظاهر التقية.
ثم إن موقف الإمام أحمد بن حنبل مع فرض عدم اعترافه بخلق القرآن، لا دليل فيه على عدم مشروعية التقية، غاية الأمر أنه رأى حرمة العمل بالتقية في هذا الموقف بعينه، وعلى نفسه دون الآخرين، لأنه كان القدوة لعامة الناس، فرأى - كما يقول الأستاذ الشملاوي - انه إذا ما لم يقف هذا الموقف، ينزلق هذا الرأي في هاوية لا ينبز له رأس أبدا فوقف هذا الموقف محتملا أيضا انطلاقه - في هذا الموقف - من رأيه الفقهي، انه لا تقية في دار الإسلام (2).
72 - البخاري (ت / 256 ه):
يمكن معرفة موقف البخاري من التقية، وذل من خلال ما قدمناه من