واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ١٢١
26 - زيد بن أرقم (ت / 68 ه‍):
أخرج الإمام أحمد بن حنبل (ت / 240 ه‍) في مسنده، من طريق ابن نمير، عن عطية العوفي قال: سألت زيد بن أرقم فقلت له: إن ختنا لي حدثني عنك بحديث في شأن علي يوم غدير خم، فأنا أحب أن أسمعه منك؟
فقال: انكم معشر أهل العراق فيكم ما فيكم، فقلت له ليس عليك مني بأس، فقال نعم، كنا بالجحفة فخرج رسول الله (ص) إلينا ظهرا وهو آخذ بعضد علي، فقال: أيها الناس ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم، قالوا: بلى. قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه. قال: فقلت له: هل قال: (اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه)؟ قال:
إنما أخبرك كما سمعت (1).
ولا شك ان كتمان زيد لقوله (ص): اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه كان تقية من عطية العوفي، ذلك لأن الاقرار بهذه العبارة يعني فضح أعداء الإمام علي، وانهم ممن يعاديهم الله، وهم ما أكثرهم في عهد زيد بن أرقم الذي امتد عمره حتى أدرك حكم مروان بن الحكم، وما يدل على تقيته من عطية العوفي، قوله لعطية: انكم معشر أهل العراق فيكم ما فيكم، إشارة إلى الفتن الكثيرة التي كانت تموج بها - يوم ذاك - أرض العراق، كما أن قول عطية له: ليس عليك مني بأس دليل آخر على فهم عطية ان زيدا يخشاه. ومما يؤكد ذلك أن ما كتمه زيد عن عطية قد رواه زيد عن نفسه كما في كثير من الطرق الصحيحة المنتهية إليه، وقد حققها العلامة الأميني في كتاب الغدير، وحسبك ان يكون من روى الحديث كاملا عن زيد بن أرقم - كما في الغدير - الإمام أحمد بن حنبل في مسنده، والنسائي في خصائصه، والدولابي في

(1) مسند أحمد 4: 368.
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»