صوم عاشوراء بين السنة النبوية والبدعة الأموية - نجم الدين الطبسي - الصفحة ٥٩
2 - أقول: أما صوم قريش في الجاهلية فيحتمل فيه العسقلاني احتمالين:
الأول: لعلهم تلقوه من الشرع السالف.
الثاني: ان قريش أذنبت ذنبا في الجاهلية، فعظم في صدورهم فقيل لهم: صوموا عاشوراء يكفر ذلك.
ولكن لا يعلم من القائل لهم! ولماذا تابعهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على ذلك؟ فهل كان قد أذنب معهم - والعياذ بالله؟!
ثم إن هذا النص يناقض ما روي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما دخل المدينة رأى ليهود تصوم في هذا اليوم، فقال: انا أحق، فصامه وأمر بصيامه. ومعنى ذلك: انه ما كان يصومه قبل ذلك، أضف إلى ذلك أن معناه: تأثر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالأجواء و التيارات - حاشاه - فتارة يصوم بمكة متأثرا بالجاهلية، وأخرى يصوم بالمدينة متأثرا باليهود - نعوذ بالله - أو حبا لموافقته معهم!
3 - وقال الدكتور جواد علي: "... ويظهر انه خبر صيام قريش يوم عاشوراء هو خبر متأخر، ولا يوجد له سند يؤيده ولا يعقل صيام قريش فيه وهم قوم مشركون، وصوم عاشوراء هو من صيام يهود، وهو صيام كفارة واستغفار عندهم.
فلم تستغفر قريش ويصومون هذا اليوم؟ وما ذا فعلوا من ذنب ليطلبوا من آلهتهم العفو والغفران؟
وإذا كان هناك صوم عند الجاهليين فقد كان بالأحرى ان يصومه الأحناف، (1) و لم يرد في اخبار أهل الاخبار ما يفيد صيامهم في عاشوراء ولا في غير عاشوراء.
ثم إن علماء التفسير والحديث والاخبار يذكرون ان الرسول صام عاشوراء مقدمه المدينة... وانه بقي عليه حتى نزل الامر بفرض رمضان، ويظهر ان الرواة أقحموا اسم قريش في صيام عاشوراء لإثبات انه كان من السنن العربية القديمة التي

1 - الأحناف: اي المائلين عن جميع الأديان إلى دين الاسلام، مسلمين بالرسل كلهم مجمع البحرين 5: 41.
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»