جالس على سطح فقال لي: ادن، فدنوت حتى حاذيته، ثم قال لي:
أشرف إلى بيت في الدار فأشرفت، فقال: ما ترى في البيت؟ فقلت: ثوبا مطروحا، فقال: انظر حسنا، فتأملت ونظرت فتيقنت فقلت: رجل ساجد، فقال لي: تعرفه؟! قلت: لا، قال: هذا مولاك، قلت: ومن مولاي؟ فقال: تتجاهل علي؟ فقلت: ما أتجاهل ولكني لا أعرف لي مولى، فقال: هذا أبو الحسن موسى بن جعفر، إني أتفقده الليل والنهار فلا أجده في وقت من الأوقات إلا على الحال التي أخبرك بها، إنه يصلي الفجر فيعقب ساعة في دبر الصلاة إلى أن تطلع الشمس، ثم يسجد سجدة فلا يزال ساجدا حتى تزول الشمس وقد وكل من يترصد له الزوال، فلست أدري متى يقول الغلام: قد زالت الشمس! إذ يثب فيبتدئ الصلاة من غير أن يحدث فأعلم أنه لم ينم في سجوده ولا أغفى، ولا يزال إلى أن يفرغ من صلاة العصر فإذا صلى سجد سجدة فلا يزال ساجدا إلى أن تغيب الشمس، فإذا غابت الشمس وثب من سجدته فصلى المغرب من غير أن يحدث حدثا، ولا يزال في صلاته وتعقيبه إلى أن يصلي العتمة، فإذا صلى العتمة أفطر على شوى يؤتى به ثم يجدد الوضوء ثم يسجد ثم يرفع رأسه فينام نومته خفيفة، ثم يقوم فيجدد الوضوء، ثم يقوم فلا يزال يصلي في جوف الليل حتى يطلع الفجر، فلست أدري متى يقول الغلام: إن الفجر قد طلع؟! إذ قد وثب هو لصلاة الفجر، فهذا دأبه منذ حول إلي (1).
597 - محمد بن مسلم: دخل أبو حنيفة على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال له: رأيت ابنك موسى يصلي والناس يمرون بين يديه فلا ينهاهم وفيه ما فيهم، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ادعوا لي موسى، فدعي، فقال له: يا بني، إن أبا حنيفة يذكر أنك كنت تصلي والناس يمرون بين يديك فلم تنههم، فقال: نعم يا أبه، إن الذي