الجمع بين الصلاتين - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٢٦٩
ومما يؤيد ما استظهرناه من أن التعجيل بالجمع بين الصلاتين في أول الوقت أفضل لمن لا يصلي النافلة هو أن سيرة النبي (ص) غالبا يفرق بين الصلاتين وقل ما كان يجمع بينهما.. كل ذلك من أجل النافلة.
وأما في أسفاره فسيرته الظاهرة الجمع بين الصلاتين دائما، وذلك لأن النوافل - ولا سيما النهارية - تسقط عن المسافر سقوط عزيمة، فلذا كانت سيرته (ص) الجمع بين الصلاتين في كافة أسفاره، بصورة دائمية سواء كان نازلا مستقرا بمكان، أو سائرا في الطريق. فإذا كان بمكان سفره كان في الغالب يجمع في أول الوقت، أما إذا كان سائرا فكان يجمع جمع تقديم تارة، وجمع تأخير تارة أخرى حسب ما يقتضيه الحال. وستمر عليك أحاديث جمعه (ص) في أسفاره قريبا، وفي هذا دلالة واضحة على أن التفريق إنما جعل لمكان النافلة.
وبالإجمال أن التفريق أفضل لمن يصلي النافلة، أما من لم يصل النافلة فالذي استظهرناه من مجموع ما تقدم من الدلائل: إن التعجيل بالجمع أفضل من التفريق حضرا وسفرا، وربما كان مصداقا لحكم العقل بالمسارعة إلى طاعة أمر المولى.
وكذلك هذا هو الظاهر أيضا من (مواقيت الصلوات في القرآن) وقد مرت عليك وهي إحدى عشرة آية من سبع سور منه، ولا توجد آية واحدة منها تذكر للصلاة خمسة أوقات، بل كما علمت تذكر للصلاة المكتوبة
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 277 278 279 280 ... » »»