«من قال إنّ محمّداً قد مات: قتلته بسيفي هذا! وانّما رفع الى السّماء كما رفع عيسى عليه السّلام وقال أبو بكر بن أبي قحافة من كان يعبد محمّداً فانّ محمّداً قد مات.
ومن كان يعبد إله محمّد فان إله محمّد حيّ لم يمت ولن يموت. وقرأ قول اللَّه سبحانه وتعالى: «وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِين».
فرجع القوم إلى قوله. وقال عمر: «كأنّي ما سمعت هذه الآية حتّى قرأها أبو بكر».
قال: الخلاف الرّابع: في موضع دفنه عليه الصّلاة والسّلام، أراد أهل مكّة من المهاجرين ردّه الى مكّة لأنّها مسقط رأسه، ومأنس نفسه، وموطى ء قدمه وموطن أهله، وموقع رحله، وأراد أهل المدينة من الأنصار دفنه بالمدينة لأنّها دار هجرية، ومدار نصرته، وأرادت جماعة نقله إلى بيت المقدّس لأنّه موضع الأنبياء.
ومنه معراجه إلى السّماء، ثمّ اتّفقوا على دفنه بالمدينة لما روى عنه عليه الصّلاة والسّلام: «الأنبياء يدفنون حيث يموتون».
قال: الخلاف الخامس: في الامامة، واعظم خلاف بين الأمه خلاف الامامة فاختلف المهاجرون والأنصار فيها، فقالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير. واتّفقوا على رئيسهم سعد بن عبادة الأنصاري، فاستدركه أبو بكر وعمر في الحال بأن حضرا سقيفة بني ساعدة. وقال عمر: كنت أزوّر في نفسي كلاماً في الطّريق. فلمّا وصلنا إلى السّقيفة أردت أن أتكلّم. فقال أبو بكر: مه يا عمر فحمد اللَّه واثنى عليه، وذكر ما كنت أقدره في نفسي كأنّه يخبر عن غيب، فقبل أن يشتغل الأنصار بالكلام مددت يدى اليه فبايعته وبايعه النّاس وسكنت الفتنة. ألا أن بيعة أبي بكر كانت فلتة، وقى اللَّه المسلمين شرّها، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه، فأيّما رجل بايع