عن مذاهب أسلافه، وكان مصرعه في سبيل أطماعه وجزاء ما اجترحت يداه من عيث وافساد.
وقد صنّف أبو الفرج أخبارهم، ونظم سيرهم، ورصف مقاتلهم وجلى قصصهم بأسلوبه السّاحر، وبيانه الآسر وطريقته الفذة في حسن العرض، ومهارته الفائقة في سبك القصّة، وحبك نسجها، وائتلاف أصباغها وألوانها، وتسلسل فكرتها ووحدة ديباجتها وتساوق نصاعتها، على اختلاف رواتها، وتعدّد روايتها وتباين طرقها، حتّى لتبدوا وكأنّه بنات فكر واحد، وهذا هو سرّ الصّنعة في أدب أبي الفرج الاصفهاني.
ولئن كان أبو الفرج قد بلغ غاية التصوير والتعبير في كتاب «الاغااني» لأنّ موضوعه يلتئم ومزاجه الفني ويتّفق ومسلكه في الحياة ويقع من عقله وفكره وذوقه وعاطفته موقع الرّضا والقبول، فانّه كذلك قد بلغ غاية التصوير والتّعبير في «مقاتل الطالبيّين» لأنّ موضوعه حبيب إلى نفسه، عظيم المكانة من قلبه، لأنّه وان كان أموي النسب فانّه شيعي الهوى، وليس ذلك بمستغرب ولا مستنكر، فانّ التشيع الحقيقي ينجم عن حبّ الرّسول ويصدر عن مودّة قرباه وآل بيته الذّين أذهب اللَّه عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً، والحبّ الصادق لا يقيم وزناً لفارق النّسب ولا لغيره من الفوارق التي يحقرها ويحطهم مغاليقها وأسوارها وان تواضع الناس على احترامها.
طبع الكتاب بالقاهرة سنة 1368.
تاريخ بغداد، ج 11 ص 398 رقم 6278. جامع الرّواة، ج 1 ص 574، وج 2 ص 409. المقدّمة بقلم السيّد أحمد صقر.
أهل البيت في المكتبة العربية بقلم السيد عبد العزيز