واحتج المخالف بانها نفاق لأن كل واحد منهما إبطان أمر وإظهار خلافه دفعاً للضرر والنفاق حرام، ولأنها لو جازت لجاز على الانبياء اظهار كلمة الكفر تقية واللازم كالملزوم في البطلان. وأجيب عن الأول بالفرق بينهما فان النفاق إبطان الكفر واعتقاده وهو حرام والتقية إبطان الايمان واعتقاده وهو واجب فلا يكون أحدهما هو الآخر وعن الثاني بأنّه خارج بالاجماع وبأنه لو جاز لزم انعدام الدين بالكلية لأنه لو جاز لكان أولى الأوقات به ابتداء الدعوة لكثرة العدو والمنكر حينئذ وذلك باطل.
(2) قسم أصحابنا التقية إلى ثلاثة اقسام الأوّل: حرام، وهو في الدماء فانه لا تقية فيها فكل ما يستلزم اباحة دم من لا يجوز قتله لا يجوز التقية فيه لأنها إنما وجبت حقناً للدّم فلا تكون سبباً في إباحته، الثاني: مباح، وهو في اظهار كلمة الكفر فإنه يباح الأمران استدلالًا بقضيّة عمّار وأبويه فانّ النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم صوّب الفعلين معاً كما نقل. الثالث: واجب، وهو ما عدا هذين القسمين فان الأدلّة المذكورة تقتضي ذلك، ولأنّ اجماع الطايفة على ذلك هذا مع تحقق الضرر بتركها امّا لو لم يتحقق ضرر فيكون فعلها مباحاً او مستحبّاً.
(3) اختلف ايّهما أفضل فعل عمّار أو فعل أبويه؟ فقيل: فعل ابويه افضل لأن في ترك التقية إعزازاً للدين وتشييداً له، ولما روى أنّ مسيلمة الكذاب أخذ رجلين من المسلمين فقال لأحدهما: ما تقول في محمّد؟ قال؟ رسول اللَّه [حقا] قال فما تقول فيّ؟ قال [له ] أنت أيضاً فخلّاه وقال للآخر: ما تقول في محمّد؟ قال: رسول اللَّه قال: فما تقول فيّ؟ قال أنا أصم فأعاد عليه ثلاثاً فأعاد جوابه الأوّل فقتله فبلغ ذلك رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم فقال: أما الأوّل فقد أخذ برخصة اللَّه، وامّا الثاني فقد صدع بالحق فهنيئاً له.