الذين كفروا باللَّه [و] هم الذين تطيب به قلوبهم لا باكراه. قيل إنّ جماعة ممّن أسلم من أهل مكة فتنوا وارتدّوا عن الاسلام طوعاً وبعضهم اكرهوا وهم عمار وأبواه ياسر وسميّة وصهيب وبلال وخبّاب، أمّا سمية فربطت بين بعيرين ووجى ء في قبلها بحربة وقيل لها انك أسلمت طلباً للرجال فقتلت وقتل ياسر معها وأعطاهم عمّار بلسانه ما أرادوا منه ونجا [منهم ] ثم أخبر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله بذلك فقال قوم كفر عمّار، فقال النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم: كلّا إنّ عماراً ملى ء ايماناً من قرنه الى قدمه واختلط الايمان بلحمه ودمه، وجاء عمّار الى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم وهو يبكي فقال صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم ما وراءك؟ قال شر يا رسول اللَّه، ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير، فجعل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم يمسح عينيه ويقول له: فان عادوا لك فعد لهم بما قلت.
ثم اعلم أن هنا فوايد:
(1) دلت الآية الكريمة على جواز التقية في الجملة وكذا قوله تعالى «لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْ ءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً» آل عمران 28 وقرى ء تقيّة ولأنّها دافعة للضرر لأنه الغرض، ودفع الضرر وان لم يكن واجباً فلا أقلّمن جوازه ولأنّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله محى اسمه يوم الحديبية واعطاهم أموراً هو محارب عليها في الباطن وهو قريب من التقية، ولأنّ البخاري نقل في باب الاكراه عن الحسن البصري «التقية إلى يوم القيامة» يعني أنّها باقية أو جايزة إلى يوم القيامة ولأنّ الأربعة عدا أبي حنيفة يفتون بأن طلاق المكره لا يقع وقالوا من اكره على شرب الخمر والزنا فلا اثم عليه ولا حدّ وقال جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام «التقية ديني ودين آبائي».