الأرض من هاهنا وهاهنا). لذلك كانت البدن التي جعلها النبي، عليه السلام، قربانا يزدلف كل منها إليه، صلى الله عليه وسلم، ليكون أول ما يتقرب به بين يديه. والعقل وإن كان محجوبا عن هذا الطور، لكنه إذا تنور بالنور الإلهي وعرف سريان وجوده في جميع الموجودات، يعلم أن لكل منها نفسا ناطقة عالمة سامعة، هي نصيبه من العالم الملكوتي، كما قال تعالى: (بيده ملكوت كل شئ). وبحسب كثرة وجوده الإمكانات تبعد عن الحق وتغفل عن عالمه النوري، فتحجب ويحصل لها الرين. وبحسب قلتها تقرب منه ويستفيض منه الكمالات وتتنور بأنواره. ولا شك أن البسائط أقرب إليه من المركبات، ثم المعادن، ثم النبات، ثم الحيوان. فيصح عنده أيضا أن الكل عارف بالله منقاد لديه مطلع لما يفيض عليه وتمر منه على ما دونه.
(فأما المسمى آدما فمقيد * بعقل وفكر أو قلادة إيمان) أي، والحال أن المسمى بالإنسان مقيد ومحجوب بعقله الجزئي المشوب بالوهم، و بقوته الفكرية التي لا ترفع رأسا إلى العالم العلوي الغيبي - إن كان من أهل النظر - فإن كان مقلدا فمقيد بالتقليد الإيماني القابل للتغيير والزوال سريعا، وكل منهما لا يطلع لربه إطلاع العارف المشاهد للحق ومراتبه التي هي روحانية الجماد والنبات والحيوان من الكمل والأفراد من الإنسان.
(بذا قال سهل والمحقق مثلنا * لأنا وإياهم بمنزل إحسان) أي، قال سهل التستري بهذا القول من أن البسائط أقرب إلى الحق، كما مر. و هكذا يقول كل محقق عارف بالله. و (المنزل الإحساني) هو مقام المشاهدة (7) وإنما