(اعلم، أن التنزيه عند أهل الحقائق في الجناب الإلهي عين التحديد والتقييد.
والمنزه إما جاهل وإما صاحب سوء أدب). اعلم، أن التنزيه إما أن يكون من النقائص الإمكانية فقط، (1 - 1) أو منها ومن الكمالات الإنسانية أيضا. وكل منهما عند أهل الكشف والشهود تحديد للجناب الإلهي وتقييد له، لأنه يميز الحق عن جميع الموجودات ويجعل ظهوره في بعض مراتبه، وهو ما يقتضى التنزيه دون البعض، وهو ما يقتضى التشبيه، كالحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر وغير ذلك. وليس الأمر كذلك. فإن الموجودات بذواتهم ووجوداتهم وكمالاتهم كلها مظاهر للحق، وهو ظاهر فيهم ومتجل لهم: (وهو معهم أينما كانوا). فيه ذواتهم ووجودهم وبقاؤهم وجميع صفاتهم، بل هو الذي ظهر بهذه الصور كلها، فهي للحق بالأصالة، وللخلق بالتبعية. فالمنزه إما جاهل بالأمر على ما هو عليه، أو عالم بأن العالم كله مظهره. فإن كان جاهلا وحكم بجهله على الله وقيده في بعض مراتبه، فهو جاهل وصاحب سوء أدب، وإن كان عالما به، فقد أساء الأدب مع