بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١١١
ثم إن المجعول للعلة، والأثر الذي تضعه في المعلول، إما أن يكون هو وجوده أو ماهيته أو صيرورة ماهيته موجودة (1)، لكن يستحيل أن يكون المجعول هو الماهية لما تقدم أنها اعتبارية (2)، والذي للمعلول من علته أمر أصيل، على أن الذي تستقر فيه حاجة الماهية المعلولة ويرتبط بالعلة هو وجودها لا ذاتها (3).
ويستحيل أن يكون المجعول هو الصيرورة، لأنها معنى نسبي قائم بطرفيه، ومن المحال أن يقوم أمر أصيل خارجي بطرفين اعتباريين غير أصيلين،

(1) فالأقوال في مجعول العلة ثلاثة:
الأول: أن مجعولها ماهية المعلول.
الثاني: أن مجعولها وجود المعلول.
الثالث: أن مجعولها صيرورة ماهية المعلول موجودة.
أما الأول، فذهب إليه الإشراقيون، راجع شرح حكمة الإشراق: 416. ونسب إلى المحقق الدواني، فراجع الأسفار 1: 407 - 408.
وأما الثاني والثالث: فذهب إليهما الحكماء المشاء. قال الحكيم السبزواري في شرح المنظومة: 58: " لكن محققوهم مشوا إلى جانب مجعولية الوجود، وغيرهم إلى مجعولية الاتصاف وصيرورة الماهية موجودة ". وقال صدر المتألهين: " فجمهور المشائين ذهبوا - كما هو المشهور - إلى أن الأثر الأول للجاعل هو الوجود المعلول. وفسره المتأخرون بالموجودية، أي اتصاف ماهية المعلول بالوجود بالمعنى الذي ذكرناه، لا أن الأثر الأول هو ماهية الاتصاف أو ذات المعلول أو نفس الوجود، لاستغناء الماهيات بحقائقها التصورية عندهم من الجاعل ".
(2) في الفصل الرابع من المرحلة الأولى.
(3) لأن الماهية في حد نفسها هي هي، من غير أن ترتبط بشئ وراء نفسها. - منه (رحمه الله) -.
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»