العالم) أحر وأكرم من أسفله، وقدامه ألين من خلفه، ولان الانسان أشد اعتدالا من سائر الحيوانات كلها انتصب في قامته وصار " شبيها بالملائكة بنفسه العاقلة وصار " شبيها لسائر الحيوان بحركته وحسه وشبيها بالنبات بنشوه واعتداله ونبات شعره وشبيها بالأرض والحجر بلحمه وعظمه وشبيها بالجداول والأنهار بعروقه و أوردته، ويشبه البحر الذي هو مغيض مياه العالم بمثانته التي ينصب إليها فضول رطوباته، ويشبه الرعد بقرقرة " بطنه، ويشبه البرق بالشعاع الذي يظهر في الأحيان من عينيه، ويشبه الشمس والنيرات ببصره وحواسه، ويشبه الروحانيات المتوسطات بعقله ونفسه الناطقة ولطائف فكره " (1) فهو يغتدي لذلك بما يغتذي به الوحش والسباع والطير والسمك، ولذلك سمي الانسان العالم الأصغر، لأنه يغتذي بهذه الأغذية المختلفة، وهو مع هذا منتصب القامة تصعد منها إلى رأسه بخارات مختلفة كثيرة فيشيب رأسه من بين سائر الحيوان، " ولأنه يناسب اجزاء العالم كلها قال اهل الفراسة " (2) ان من كان منظره و أعضاؤه شبيهة بخلقة السباع كان مقداما علويا، ومن كان في خلقة الثعالب كان مخادعا مختالا، ومن كان في خلقة الثيران كان عمولا أكولا ذليلا ومن كان في خلقة الكلاب كان الوفا شكورا، ومن أشبه الديكة كان ذكيا سخيا غيورا " محربا " (3) وكذلك القول في سائر الوحوش والطير، ولقد عرفت بطبرستان رجلا كان في عينيه
(٤٩)