التي ان انقطع منها عرق يبست الأغصان التي كانت تشرب من ذلك العرق، وان خصي رجل ملتحي لم تذهب لحيته، لان نباتها حينئذ يكون قد استحكم وقوي، وكما ان النبت والشجر يفسد لقلة المياه وكثرتها أو ملوحتها فكذلك سبب فساد الشعر وسقوطه، و ان غلب على الذقن ومجاريه البرد واليبس حتى لا تجري اليه الحرارة والرطوبة التي منها تكون اللحية بقي الرجل أثط أجرد البدن و الذقن مثل الأرض الجرد التي لا تنبت شيئا اما لعدم الرطوبة أو لأنها سبخة أو لفساد " ما تأتيها " (1) من الرطوبات، وكما ان النبت يخضر أولا بالحرارة والرطوبة المعتدلة ثم يبيض إذا يبس فكذلك الشعر إذا فسد غذاؤه أو انقطع عنه الغذاء، وربما شاب الرجل من مرض أو أغذية رطبة ردية، فإذا برأ من مرضه عاد سواد شعره، ولذلك يقال ان المرض هرم عرضي والهرم مرض طبيعي، وانما ينعقد الشعر ويتكون من بخارات تندفع إلى الرأس والجلد من فضول الأغذية، فما دامت تلك البخارات دسمة غليظة قوية كان ما ينبت منه اسود أعني من الشعر، فإذا بردت تلك البخارات ورقت ابيض الشعر، وذلك كالسراج الذي يحلل الدهن فيرتفع منه دخان اسود شديد السواد يسود به ما يوضع فوقه، فان صب في المسرجة ماء كثير ودهن قليل لم يزهر وكان ما يرتفع من دخانه رقيقا رديا، (وانما يقوى الشعر بالحرارة والرطوبة الدسمة فأقوى الشعر شعر الخنازير لحرارتها ورطوبتها وأقوى منها واعجب ما ينفذ في أبدان القنافذ وهي كالنبل وذلك لسمنها وكثرة حرارتها، ولحومها ولحوم الخنازير تنفع من الرياح الباردة) وقال أرسطوطيلس ان الشيب يكون أيضا من الجنس ومن لون الجلد كالبرص الذي يبيض ما ينبت عليه وكذلك ألوان الوحش والطير، وربما كانت علة ألوانها
(٥٢)