مثل الدسومات التي تستبطن في بطن نوى الخوخ والمشمش وما أشبهها، وانما المخاخ رطبة دسمة تنعصر وتنفذ إلى أجواف العظام، ثم تأتيها من بعد ذلك المواد فتزداد، وقالوا ان الحكمة والفكرة في الدماغ والفرح والشهوة في الكبد والغضب والحرد في القلب، الباب العاشر في علة استدارة الرأس وما فيه من الدلائل ان المزاجات التي في زرع الأبوين إذا صارت مضغة وتحركت الحرارة صعد ما كان في الزرع من جوهر العنصرين الخفيفين إلى فوق لخفتهما، وانحدر ما كان فيه من جوهر العنصرين الثقيلين إلى أسفل، وتدفع الحرارة معها مادة، فإذا انتهى البدن منتهاه من الامتداد والطول في الرحم دارت في أعلاه الهوائية الصاعدة مع النارية، فتستدير لذلك تلك المادة هناك ويتكون منه الرأس كما يستدير الزجاج (إذا نفخ فيه) (1) وكنفاخات المطر المستديرة، فالرأس الفاضل، ما كان فلكيا معتدل الدماغ، فاما ما صغر جدا فإنه يدل على قلة الدماغ وفساد الذهن وما عظم جدا دل على البله والخبل وما اعتدل منه وشاكل البدن دل على الذكاء والتوقد، وكذلك افراط طول البدن أو قصره وافراط عظم العين وجحوظها وافراط صغرها وغؤورها دليل على فساد الاعتدال والذهن، وكما ان الفلك جعل مسكنا للنيرات كذلك جعل الرأس مسكنا للنفس الناطقة ولجميع الحواس،
(٤٥)