وقد قيل في بعض الكتب عجبا لمن كان شرابه الخمر وأدمه اللحم وكان مقتصدا في اكله وشربه وجماعه وتعبه وراحته كيف يمرض، ومن أدمنه كان دواؤه فيه مثل دود الخل ودودة السم اللذان لا يبقيان الا في السم والخل، ومن مانع الشراب انه يفتح مساك العروق ويدخل معه رطوبة الماء وبرده لان الماء غليظ بارد لا يصل إلى حيث يصل النبيذ، ومن أراد الشرب فلا يشرب الا في موضع الامن من الأكابر، ومن كان الريح غالبة عليه فلا ينبغي ان يشربه الأبعد دخول الحمام والتمريخ ولبس ثياب مطيبة ويأكل البصل وحب الرمان ولحوما حارة مثل طير الماء والسمك واللحم السمين وشم الياسمين والورد الأحمر، ومن غلبت عليه المرة صير مجلسه في موضع مشرف كثير الشجر والنور ولبس ثيابا مطيبة بأشياء باردة ويشم نبت الماء والورد الأبيض ويطلى جسده بالكافور والصندل والزعفران ويتروح بمراوح مطيبة بهذه ويأكل كل شئ بارد مثل لحوم المعز والدجاج والدراج والقبج ويتجنب كل شئ حار جاف حاد مثل الثوم والخردل والخل، ومن غلب عليه البلغم جلس في موضع حاد ويشم الأشم والنمام والمرزنجوش وكل شئ حار يابس ويشرب شرابا صلبا صرفا، ويكون طعامه خبز شعير والذرة والثوم والبصل ولحوم الغزلان والقبج وكباب لحم احمر بالفلفل والخردل والأنجدان، وللشراب ثلث سكرات، الأول فيها ان من اقتصد فيه استمرأ الغذاء وفرح القلب وصفا اللون وأورثه شجاعة وسخاء وزيادة في الذهن والمنطق واذهب الحقد واشتاق إلى الطيب والسماء، فاما السكر الثاني فيعتري منه الأوج فيصيح مرة ويتكئ (1) مرة ويخلط في حديثه، والسكر الثالث جامع للعيوب والذنوب والفضائح والتلف، ولا ينبغي ان يشرب منه عابد ولا طبيب ولا والي ملك ولا مسلول ولا جائع
(٥٧٢)