أثرهم حملهم الخبر على التفضيل أو ما جرى مجراه من صنوف تأويل مخالفي الشيعة، وإنما أنس بعض الجهلة بهذه الدعوى على الخوارج، ما ظهر عنهم من القول الخبيث في أمير المؤمنين (عليه السلام) وظن أن خلافهم له ورجوعهم عن ولايته يقتضي أن يكونوا جحدوا فضائله ومناقبه، وقد أبعد هذا المدعى غاية البعد; لأن انحراف الخوارج إنما كان بعد التحكيم للسبب المعروف وإلا فاعتقادهم لأمير المؤمنين (عليه السلام) وفضله وتقدمه قد كان ظاهرا، وهم على كل حال بعض أنصاره وأعوانه ومن جاهد مع الأعداء وكان في عداد الأولياء إلى أن كان من أمرهم ما كان.
وقد استدل قوم على صحة الخبر بما تظاهرت به الروايات من احتجاج أمير المؤمنين (عليه السلام) به في الشورى على الحاضرين في جملة ما عدده من فضائله ومناقبه وما خصه الله تعالى به، حيث قال: أنشدكم الله هل فيكم أحد أخذ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بيده فقال: «من كنت مولاه فهذا مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه» غيري؟ فقال القوم: اللهم لا (1)، وإذا اعترف به من حضر الشورى من الوجوه واتصل أيضا بغيرهم من الصحابة ممن لم يحضر الموضع كما اتصل بهم سائر ما جرى ولم يكن من أحد نكير له ولا إظهار الشك فيه، مع علمنا بتوفر الدواعي إلى إظهار ذلك لو كان الخبر بخلاف ما حكمنا به من الصحة، فقد وجب القطع على صحته، على أن الخبر لو لم يكن في الوضوح كالشمس لما جاز أن يدعيه أمير المؤمنين (عليه السلام) سيما في مثل المقام الذي ذكرناه لأنه (عليه السلام) كان أنزه وأجل قدرا من ذلك، قالوا: وبمثل هذه الطريقة يحتج خصومنا في تصحيح ما ذكره أبو بكر يوم السقيفة وأسنده إلى الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - من قوله: الأئمة من قريش، وما جرى مجراه من