الأخبار.
فإن قال: كيف يصح احتجاجكم بهذه الطريقة، وغاية ما فيها أن يكون الحاضرون في الشورى صدقوا خبر الغدير وشهدوا بصحته، وأن يكون من عداهم من الصحابة الذين لم يحضروا وبلغهم ما جرى أمسكوا عن رده وإظهار الشك فيه على سبيل التصديق أيضا وليس في جميع ذلك حجة عندكم، لأنكم قد رددتم فيما مضى من الكتاب على من جعل تصديق الصحابة بخبر الإجماع وإمساكهم عن رده حجة في صحته.
قيل له: إنما رددنا على من ذكرت من حيث يصح عندنا لولا إطباق الصحابة على الخبر المدعى في الإجماع، ثم لما سلمنا للخصوم ما يدعونه من إطباق الصحابة، أريناهم أنه لا حجة فيه على مذاهبهم وأصولهم; لأنهم يجيزون على كل واحد منهم الخطأ عقلا واعتقاد الباطل بالشبهة، فلا أمان قبل صحة ما يدعونه بالسمع من وقوع ما جاز عليهم، وأبطلنا ما يتعلقون به من عادة الصحابة من قبول الصحيح من الأخبار ورد السقيم، وبينا أنهم لم يقولوا ذلك إلا عن دعوى لا يعضدها برهان، وأنهم رجعوا في أن الخطأ لا يجوز عليهم إلى قولهم أو ما يجري مجرى قولهم، وهذا لا يمنعنا من القطع على صحة ما يجمع عليه الأمة على مذهبنا، لأنا لا نجيز على كل واحد منهم الخطأ والضلال كما اختاروه من طريق العقل، وإنما نجيزهما على من عدا الإمام، لأن العقل قد دلنا على وجود المعصوم في كل زمان، ومنعنا من اجتماع الأمة على باطل إنما هو لأجله، فمن لم يسلك طريقتنا يجب أن يمنعه من الثقة بالإجماع وتمسكه به.
فإن قال: جميع ما ذكرتموه إنما يصح في متن الخبر الذي هو قوله (عليه السلام): «من كنت مولاه فعلي مولاه» دون المقدمة المتضمنة للتقرير، لأن أكثر من روى الخبر لم