يروها، والإطباق من العلماء على القبول واستعمال التأويل غير موجود فيها، لأنكم تعلمون خلاف خصومكم فيها، وإنشاد أمير المؤمنين (عليه السلام) أهل الشورى لم يتضمنها في شيء من الروايات، ودليلكم على إيجاب الإمامة في الخبر مما يتعلق بها فدلوا على صحتها.
قيل له: ليس ينكر أن يكون بعض من روى خبر الغدير لم يذكر المقدمة، إلا أن من أغفلها ليس لأكثر ممن ذكرها ولا يقاربه، وإنما حصل الإخلال بها من آحاد من الرواة، والشيعة كلهم ينقلون الخبر ومقدمته، وأكثر من شاركهم من رواة أصحاب الحديث أيضا ينقلون المقدمة، ومن تأمل الخبر وتصفحه علم صحة ما ذكرناه. وإذا صح فلا نكرة في إغفال من أغفل المقدمة لأن الحجة تقوم بنقل من نقلها بل بعضهم.
فأما إنشاد أمير المؤمنين (عليه السلام) أهل الشورى وخلوه من ذكر المقدمة فلا يدل على نفيها أو الشك في صحتها; لأنه (عليه السلام) قررهم بالخبر بما يقتضي الإقرار بجميعه على سبيل الاختصار، ولا حاجة إلى ذكر القصة من أولها إلى آخرها وجميع ما جرى فيها لظهوره، لأن الاعتراف بما اعترف به منها هو اعتراف بالكل وهذه عادة الناس فيما يقررون به، ألا ترى أن أمير المؤمنين (عليه السلام) لما أن قررهم في ذلك المقام بخبر الطائر في حمل الفضائل والمناقب اقتصر على أن قال (عليه السلام): أفيكم رجل قال له النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «اللهم ابعث إلي أحب خلقك إليك يأكل معي» غيري. ولم يذكر إهداء الطائر وما تأخر عن هذا القول من كلام الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -.
وكذلك لما أن قررهم بقول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - فيه لما ندبه لفتح خيبر، ذكر بعض الكلام دون بعض ولم يشرح القصة وجميع ما جرى فيها، وإنما اقتصر (عليه السلام) على القدر المذكور اتكالا على شهرة الأمر، وإن في الاعتراف ببعضه اعترافا بكله، فلا