أما إن كان المراد به المعنى الأصلي، فللمبالغة في إفادة المعنى كما عرفت سابقا خصوصا والجزاء لفظ «عسى» وهو قد يجرد عن إفادة المضي، وهذا الجزاء ان يبالغ في مضيه، للدلالة على أن هذا التوقع بالنسبة إليهم لم يكن مما حدث الآن أو سيحدث، بل كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أبدا متوقعا منهم ذلك، وأيضا لأن «عسى» إنشاء للترجي فهو بنفسه لا يصلح جزاء إلا بتأويل، فأتى ب «كنتم» توصلا إلى جعله جزاء أو دلالة على أنه لا يراد به المعنى الإنشائي; لوقوعه خبرا ل «كان»، فإنه لا يقع خبرا له إلا بتأويله بالمعنى الخبري، فكأنه قيل: «كنتم مقولا في شأنكم كذا» أو «متوقعا منكم كذا».
وأما إن كان المراد به معنى صرتم، فالإتيان به للتوصل المذكور، والتعبير بهذا اللفظ للتوجيه والمبالغة في إفادة المضي، فإن المتبادر من هذا اللفظ هو المضي، وإن كان (1) بمعنى «صار » حكمه حكمه، وكذا الحكم إذا كان تاما بمعنى «وجد» ثم في الإتيان ب «كنتم» على كل: التوجيه.
السابعة: في تقديم الظرف أعني «فيه» على متعلقه إن تعلق ب «تصنعوا»; وجوه:
منها: رعاية الوزن والقافية.
ومنها: التوجيه.
ومنها: تقريب الضمير من مرجعه لا سيما إذا لم يكن مرجعه هو المذكور، لأنه أحوج إلى التقريب.
الثامنة: في التعبير عن معنى التعليل، أو معنى الباء ب «في»، مبالغة في العلية أو الإلصاق كما لا يخفى، وتوجيه من جهتين: إحداهما من جهة لفظة «في» والأخرى من جهة محل الظرف.