غدير خم كما ستقف عليها إن شاء الله.
فإن قال قائل: كيف جاز ردهم عما سألوه وإخفاء هذا الأصل الأصيل من أصول الدين مع ما تضافرت النصوص على التهديد على كتمان الشهادة وإخفاء العلم، قال تعالى: ﴿ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله﴾ (1) ثم أي فائدة في هذا الإخفاء؟ مع أن معرفة الإمام واجبة على كل مكلف وأن من لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية; وقد نطقت النصوص المتضافرة باختلاف ألفاظها بذلك، فالكفر لازم لهم على تقديري الإعلام وعدمه.
قلنا: أما الجواب عن الأول، فهو أنه لا يخلو إما أن يكون المراد ب «لو» معناها الحقيقي، أو معنى «إن».
فإن كان الأول لم يكن يزيد على أنه أخبر بأنه لو أعلمهم ذلك كان يتوقع منهم الإنكار فيكون مقابله لعنا بهم إياه بعتابه إياهم، فإن المفهوم من قولهم كما عرفت، عتابه - صلى الله عليه وآله وسلم - على تركه إعلامهم، فعاتبهم بأنه لو أعلمهم لما نفع فيهم بل أضر بهم.
وإن كان الثاني لم يكن يزيد على أنه أخبر بأنه يتوقع منهم الإنكار، وفيه تهديد لهم ونصيحة بليغة.
وأما الإعلام فهو عنه ساكت لا راد له، وسكوته إنما كان لخوفه على نفسه ووصيه وعليهم كما تصرح به أخبار غدير خم كما ستطلع عليه إن شاء الله، على أنه أعلمهم في ضمن هذا الكلام أبلغ إعلام وأكد الأمر فيه عليهم أوثق تأكيد كما سيشير إليه الناظم رحمه الله، وليس هذا السكوت من قبيل كتمان الشهادة أو العلم بالنسبة إليه - صلى الله عليه وآله وسلم - فإنه كان واثقا بحياته عالما بأن الله سبحانه سيوفقه لهذا الأمر