ويرفع عنه الموانع، ومعرفة الوصي لم تكن من الواجبات المضيقة التي لا يجوز تأخيرها بالنسبة إلى الصحابة، بل إنما كان عليهم أن يعرفوه بعد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فلم يكن إعلامهم أيضا واجبا مضيقا، فإذا انضافت إلى ذلك موانع ربما تحرمه لم يكن بالتأخير من الناس شيء ولو سلم أنه من قبيل كتمان الشهادة والعلم، إلا أنه إنما يحرم إذا لم يكن ما يوجبه، ولقد كان من الموانع ما يحتمه عليه - صلى الله عليه وآله وسلم -.
وأما الجواب عن الثاني: فيظهر من الجواب عن الأول فإنه إذا لم يكن إلا مجرد إخبار وعتاب وسكوت عن الإعلام لمصلحة لم تكن فيه دلالة على أنهم على تقدير عدم الإعلام لم يكن عليهم شيء في عدم عرفانهم إمام زمانهم إلا ظاهر قوله: فالترك له أودع، وهو كما عرفت يحتمل أن يكون من كلام الناظم فيسهل الأمر، ومع ذلك فيحتمل أن يكون ذلك مقولا على لسان حالهم فإنهم إذا كانوا بحيث يخالفون المنصوص عليه فيهم في سعة من ذلك بزعمهم فإذا لم ينص، كان أوسع لهم البتة.
وأيضا فلا شبهة في أن إنكار الإمام مع النص أقبح والعذاب المستحق به أشد من إنكاره بدونه، على أنه لا شبهة في أنه على تقدير عدم النص لم يكن إمام لتكون مخالفته كفرا، فقد صح أن الترك أودع لكن على فرض جوازه. وإن كان المفروض محالا فكأنه قيل: إنه لو جاز ترك الوصاية ولم يوجبها الله إيجابا حتميا كان أودع لكم.
وأيضا يجوز أن يكون - صلى الله عليه وآله وسلم - ربما جوز أن يموت بعض الصحابة في حياته فلا تكون معرفة الإمام بعده واجبة عليه، ولو نص لم يذعن وكفر، فترك النص بالنسبة إليه أودع.
وأيضا يجوز أن يكون المراد أنه أودع لهم في الدنيا، فإنه حينئذ لم يكن لهم منازع ولم يعاتبوا على مخالفة الوصي ولم ينكر عليهم في ذلك.