وقال يرثي جده الإمام الحسين عليه السلام:
أهاشم لا يوم لك ابيض أو ترى * جيادك تزجي عارض النقع أغبرا طوالع في ليل القتام تخالها * وقد سدت الأفق، السحاب المسخرا بني الغالبيين الألى لست عالما * أأسمح في طعن أكفك أم قرى إلى الان لم تجمع بك الخيل وثبة * كأنك ما تدرين بالطف ما جرى هلم بها شعث النواصي كأنها * ذياب غضا يمرحن بالقاع ضمرا وإن سألتك الخيل أين مغارها * فقولي ارفعي كل البسيطة عثيرا (110) فان دماكم طحن في كل معشر * ولا ثار حتى ليس تبقين معشرا ولا كدم في كربلا طاح منكم * فذاك لأجفان الحمية أسهرا غداة أبو السجاد جاء يقودها * أجادل للهيجاء يحملن أنسرا عليها من الفتيان كل ابن نثرة * يعد قتير (111) الدرع وشيا محبرا أشم إذا ما افتض للحرب عذره * تنشق من أعطافها النقع عنبرا من الطاعني صدر الكتيبة في الوغى * إذا الصف منها من حديد توقرا هم القوم إما أجروا الخيل لم تطأ * سنابكها (112) إلا دلاصا ومغفرا إذا ازدحموا حشدا على نقع فيلق * رأيت على الليل النهار تكورا كماة تعد الحي منها إذا انبرت * عن الطعن من كان الصريع المقطرا ومن يخترم حيث الرماح تظافرت * فذلك تدعوه الكريم المظفرا فما عبروا إلا على ظهر سابح * إلى الموت لما ماجت البيض أبحرا مضوا بالوجوه الزهر بيضا كريمة * عليها لثام النقع لاثوه أكدرا فقل لنزار: ما حنينك نافع * ولو مت وجدا بعدهم وتزفرا حرام عليك الماء ما دام موردا * لأبناء حرب أو ترى الموت مصدرا وحجر على أجفانك النوم عن دم * شبا السيف يأبى أن يطل ويهدرا أللهاشمي الماء يحلوا ودونه * ثوت قومه (113) حرى القلوب على الثرى وتهدأ عين الطالبي وحولها * جفون بني مروان ريا من الكرى كأنك يا أسياف غلمان هاشم * نسيت غداة الطف ذاك المعفرا هبي لبسوا في قتله العار أسودا * أيشفي إذا لم يلبسوا الموت أحمرا ألا بكر الناعي ولكن بهاشم * جميعا وكانت بالمنية أجدرا فما للمواضي طائل في حياتها * إذا باعها عجزا عن الضرب قصرا أللعيش تستبقي النفوس مضامة * وما الموت إلا أن تعيش فتقسرا ثوى اليوم أحماها عن الضيم جانبا * وأصدقها عند الحفيطة مخبرا وأطعمها للوحش من جثث العدى * وأخضبها للطير ظفرا ومنسرا قضى بعد مارد السيوف على القنا * ومرهفه فيها وفي الموت أثرا ومات كريم العهد عند شبا القنا * يواريه منها ما عليه تكسرا فان يمس مغبر الجبين فطالما * ضحى الحرب في وجه الكتيبة غبرا وإن يقض ضمآنا تفطر قلبه * فقد راع قلب الموت حتى تفطرا وألقحها شعواء تشقى بها العدى * ولود المنايا ترضع الحتف ممقرا (114) فظاهر فيها بين درعين نثرة * وصبر، ودرع الصبر أقواهما عرا سطا وهو أحمى من يصون كريمة * وأشجع من يقتاد للحرب عسكرا فرافده في حومة الضرب مرهف * على قلة الأنصار فيه تكثرا تعثر حتى مات في الهام حده * وقائمه في كفه ما تعثرا كأن أخاه السيف أعطي صبره * فلم يبرح الهيجاء حتى تكسرا له الله مفطورا من الصبر قلبه * ولو كان من صم الصفا لتفطرا ومنعطف أهوى لتقبيل طفله * فقبل منه قبله السهم منحرا لقد ولدا في ساعة هو والردى * ومن قبله في نحره السهم كبرا وفي السبي مما يصطفي الخدر نسوة * يعز على فتيانها أن تسيرا حمت خدرها يقضى وودت بنومها * ترد عليها (115) جفنها لا على الكرى مشى الدهر يوم الطف أعمى فلم يدع * عمادا لها إلا وفيه تعثرا وجشمها المسرى ببيداء قفرة * ولم تدر قبل الطف ما البيد والسرى ولم تر حتى عينها ظل شخصها * إلى أن بدت في الغاضرية حسرا