خزانة الأدب - البغدادي - ج ١١ - الصفحة ١٢٠
كان جائزا كأنك قلت: فإما أمري جزع وإما إجمال صبر كما تقدم.
فكان الواجب ان يقدر على مذهب سيبويه: فإما أجزع جزعا وأما أجمل الصبر إجمالا. وأن يقدر على مذهب غيره: فإن أجزع جزعا فأنا معذور وإن أجمل الصبر إجمالا فأنا ممدوح.) والرفع في هذا رواية رواها صاحب الأغاني والأسود بن محمد الأعرابي.
وينبغي أن نورد الآبيات التي روياها ليتضح ما ذكرناه قالا: قال دريد بن الصمة يرثي معاوية أخا الخنساء. وقتلته بنو مرة: الوافر * ألا بكرت تلوم بغير قدر * فقد أحفيتني ودخلت ستري * * فإن لم تتركي عذلي سفاها * تلمك علي نفسك أي أعصر * * أسرك أن يكون الدهر سدى * علي بشره يغدو ويسري * * وإلا ترزئي نفسا ومالا * يضرك هلكه في طول عمري * * فقد كذبتك نفسك فاكذبيها * فإن جزع وإن إجمال صبر * * فإن الرزء يوم وقفت أدعو * فلم يسمع معاوية بن عمرو * * رأيت مكانه فعطفت زورا * وأي مكان زور يا ابن بكر * * وبنيان القبور أتى عليها * طوال الدهر من سنة وشهر * * ولو أسمعته لأتاك ركضا * سريع السعي أو لأتاك يجري * * بشكة حازم لا عيب فيه * إذا لبس الكماة جلود نمر * * فإما تمس في جدث مقيما * بمسهكة من الأرواح قفر * * فعز علي هلكك يا ابن عمرو * ومالي عنك من عزم وصبر * قوله: ألا بكرت... إلخ فاعله ضمير امرأته. وبكر: أسرع أي وقت كان. والقدر بسكون الدال: المبلغ والمقدار.
وقوله: فقد أحفيتني... إلخ التفات من الغيبة إلى خطابها. والإحفاء بالحاء المهملة: الاستقصاء في الكلام والمنازعة.
وروي بدله: فقد أحفظتني يقال: أحفظه بمعنى أغضبه. وقوله: ودخلت ستري أي هجمت علي في خلوتي وبالغت في اللوم.
وسفاها: مصدر سافهه والمراد سفها وهو نقص في العقل. وقوله: تلمك علي جواب إن.
ونفسك: فاعله أي تلمك نفسك بسبي عصرا طويلا أي عصر وهو الدهر.
وروي بدله: غير عصر. يعني: دعيني أبك عليه ليخف ما بي الوجد وإن تمنعيني أمت وجدا
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»