خزانة الأدب - البغدادي - ج ١١ - الصفحة ١١٧
وقد قال ما لا يجوز معه ظن هذا به.
ألا تراه قال: ولو قلت إن جزع وإن إجمال صبر كان جائزا كأنك قلت: فإما أمري جزع وإما إجمال صبر. لأنك لو صححتها فقلت إما جاز ذلك فيها.
وقال أيضا: إما يجري ما بعدها على الابتداء ففيما قاله في هذين الموضعن إجازة وقوع المبتدأ بعد إما. ومن مذهبه الذي لا يدفهع أن لا يقع الابتداء بعدها فكيف يكون عنده أن إما إنما هي إن الجزاء وذلك لا يسوغ.
ألا ترى أنك تقول: ضربت إما زيدا وإما عمرا وتقول: ذهب إما زيد وإما عمرو فول كانت إن الجزاء لما عمل ما قبلها فيما بعدها ولكان ذهب فعلا فارغا لا فاعل له.
فإن قال: يكون انتصاب الاسم بعده بفعل مضمر كأنه قيل: ضربت إن ضربت زيدا. فليس هذا الغرض الموضوع لهذا المعنى ولا المفهوم من هذا اللفظ.
ألا ترى أن المراد إنما هو ضربت أحدهما. على أن ذلك فاسد لأن ذهب يبقى بلا فاعل ولا يجوز أن يضمر. ويدل أيضا على فساده قولك: إما أن تقوم وإما أن لا تقوم وقوله: يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا.
ألا ترى أن هذا لو كان إن فيه للجزاء لم يجز وقوع المبتدأ بعده وللزم أن يجازى بما يجازى به إن ولم يتقدم ما يغني عن الجواب. فهذا التوهم على سيبويه فاسد.
فإن قال:: ما أنكرت أن يكون ما ذهبت إليه من أن إن في إما للشرط مذهب سيبويه لأنه قد ذكر أن إن على أربعة أوجه: المخففة وليس هذا من مواضعها والنافية ولا نفي هنا وزائدة بعد ما النافية فلما لم يجز أن تكون واحدة من الثلاث وجب أن تكون الشرطية لأنك في إما لا تبت على الشيء كما لا تبت في الجزاء فلما شابهتها في هذا الموضع ولم تكن واحدة من الثلاث لزم أن تكون إياها.
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»