ثم قال: وقد قال الأعشى: ولست بالأكثر منهم حصا........... البيت رحم الله أبا عثمان أما إنه لو علم أن من في هذا البيت ليست التي تصحب أفعل للمبالغة لضرب عن هذا القول إلى غيره مما يعلو فيه قوله ويعنو لسداده وصحته خصمه.
وكذلك نسب ابن هشام في المغني هذا القول إلى الجاحظ ووهمه. ومنع النحاة الجمع بينهما.
وبين ابن جني وجه المنع في أواخر الخصائص في باب الامتناع من نقض الفرض ومثل له أمثلة ثم قال: ومن ذلك امتناعهم أي: امتناع العرب من إلحاق من بأفعل إذا عرفته باللام نحو الأحسن منه.
وذلك أن من تكسب ما يتصل به من أفعل هذا تخصيصا ما.
ألا تراك لو قلت دخلت البصرة فرأيت أفضل من ابن سيرين لم يسبق الوهم إلا إلى الحسن. وإذا قلت الأحسن أو الأفضل أو نحو ذلك فقد استوعبت اللام من التعريف أكثر مما تفيده من حصتها من التخصيص.
وكرهوا أن يتراجعوا بعدما حكموا به من قوة التعريف إلى الاعتراف بضعفه إذا هم أتبعوه من الدالة على حاجته إليها وإلى قدر ما تفيده من التخصيص المفاد منه.
فأما ما ظن أبو عثمان الجاحظ من أنه يدخل على أصحابنا في هذا من قول الشاعر: ولست بالأكثر منهم حصا......... البيت فساقط. وذلك أن من هذه ليست هي التي تصحب أفعل هذا لتخصيصه. انتهى.