خزانة الأدب - البغدادي - ج ٦ - الصفحة ٣٠٥
وأما اسم الفعل فلم يذكروا ماذا عدل منه ولم يتحقق لي وجه العدل فيه. والعجب أنهم يجعلون اسم الفعل أصلا في العدل والتأنيث. وما برحت أتطلب بيان ما عدل عنه نزال وبيان كونه مؤنثا ولم أقف من كلامهم على ما يوضح لي ذلك. والذي يظهر أن القول بالعدل والتأنيث في نزال ليس على وجه التحقيق بل على وجه التقدير. وقال صاحب الإفصاح: نزال عند سيبويه علم على المعنى كسبحان ومثله حلاق وجماد في اسم المنية والسنة المجدبة.
وقد يكون هذا العدل علما على الشخص كحذام. ويرى سيبويه أن هذه الأشياء بنيت حملا على نزال ونزال بني حملا على الفعل. اه. ويظهر من كلامه أن العدل في هذه الأمور إنما هو تقديري. وأما قوله إن نزال عند سيبويه علم فلم يتضح لي كونه علما. انتهى ما أورده ناظر الجيش باختصار. واستدل ابن السيد في شرح أبيات الجمل للتأنيث بشيئين ضعيفين قال: أراد بفجار الغدرة. وتسمى الغدرة فجار كما تسمى المرأة حذام. فإن قلت: لما لم جعلته للغدرة المؤنثة دون أن تجعله اسما للغدر وما دليلك على هذه الدعوى قلنا: على ذلك دليلان: أحدهما: أن فعال المعدول لا يعدل إلا عن مؤنث ألا تراه قد قال دعيت نزال وليس هذا في بيت زهير وحده بل هو مطرد في فعال حيثما وقعت. والثاني: أن النابغة سمى الوفاء برة وهو يريد البر وكذلك سمى الغدر فجار وهو يريد الفجور. انتهى. وقال اللخمي: فجار اسم للفجور وهو معدول عن مؤنث كأنه عدل عن الفجرة وهو مصدر بعد أن سمى بها الفجور كما سمى البر: برة. هذا مذهب سيبويه وحكى غيره أنه معدول عن صفة غالبة ودليل ذلك أنه قال: فحملت برة واحتملت فجار
(٣٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»