قال: ومن علم الجنس للمعنى: فجار وهو علم الفجور ومعدول عن فجرة علما لا عن الفجرة فإنه من باب حذام المعدول عن علم مثله. فقول سيبويه: إن فجار معدول عن الفجرة تجوز. كذا قال ابن جني والمحققون. وأل في الفجرة في كلام الناظم لا إشكال فيها إذ لم يرد العلم كما أراد سيبويه وإنما مراده الجنس الذي هو مطلق الفجور. ومثل هذين المثالين فينة في قولهم: ما ألقاه إلا فينة أي: في الندرة. قال ابن جني: هو علم لهذا المعنى. ومنه حماد للمحمدة ويسار للميسرة. وأشار الناظم بمثالي برة وفجار إلى بيت النابغة. وفي عبارته شيء وهو أن الفجرة هي المرة الواحدة من الفجور ومعلوم أن فجار ليس علما لجنس المرة الواحدة فإن أهل اللغة لم ينقلوا إلا أنه علم للفجور المطلق ولا يصح أن يريد أن فجار اسم جنس للفجرة المعدول هو عنه إذ لم يقولوا ذلك ولا يصح في نفسه. فثبت أن قوله: فجار علم للفجرة مشكل.
والجواب أن إتيانه بالفجرة مقصود له وذلك أن القاعدة في فعال أنه مؤنث ومعدول عن مؤنث.
وقد بين ذلك سيبويه في أبواب ما لا ينصرف غاية البيان حتى إنه قدر ما لم يستعمل مؤنثا كأنه استعمل كذلك ثم جعل فعال معدولا عنه. وإذا كان كذلك فالاسم المعدول عنه وهو العلم المقدر اسم لجنس مؤنث إذ لا بد من مطابقته له في التأنيث ولذلك قال: ومثله برة للمبرة ولم يقل للبر ونحوه. والحاصل أن الناظم نبه بمثال الفجرة على أن فعال علم لاسم الجنس المؤنث فإن كان مستعملا فذاك وإلا قدر له اسم مؤنث. وهذه قاعدة محل بيانها باب ما لا ينصرف.
انتهى كلامه باختصار يسير. وهذا كله لا يدفع ما أورده الشارح المحقق. والبيت من قصيدة) للنابغة الذبياني هدد بها زرعة بن عمرو الكلابي وكان زرارة لقي النابغة بعكاظ وأشار عليه أن يشير على قومه أن يغدروا بني أسد