خزانة الأدب - البغدادي - ج ٦ - الصفحة ٢٣٢
وذهب ابن مالك في التسهيل إلى أن الثلاثة موضوعة لأكتفي فعلا مضارعا للمتكلم. وهو قريب مما قالاه. وقال أبو حيان في الارتشاف: وأما بجل فقد ذكروا أنها اسم فعل والياء في موضع نصب بمعنى كفاني أو يكفيني. وإذا لم تلحق فهي بمعنى حسب. واقتصر المرادي في الجنى الداني وابن هشام في المغني وغيرهما على أنها موضوع ليكفي فعلا مضارعا غائبا. وهذا يحتاج إلى فاعل ظاهر. ولا يتيسر فيه بجلي الآن ولا في قول طرفة بن العبد. وقد أورده ابن هشام في المغني: ألا بجلي من الشراب ألا بجل لعدم وجوده. ولما رأوا أن لا فاعل اضطروا إلى جعل بجل في البيتين بمعنى حسب وأثبتوا معنى ثانيا لها. ولا ضرورة تدعو إليه ولهذا لم يذكر الشارح المحقق معنى حسب أصلا حسما للانتشار من غير فائدة. فإن قلت: إن علماء اللغة المتقدمين كالأزهري وابن دريد والجوهري وغيرهم إنما قالوا: بجل بمعنى حسب ولم يتعرضوا لمجيئها اسم فعل فما وجهه قلت: هو راجع إليه وإنما عبروا بحسب لقرب المعنى تيسيرا للفهم. وهم يتساهلون في تفسير بعض الألفاظ. ولما كان غرض النحويين متعلقا بأحكام الألفاظ دققوا النظر فبينوا حقيقتها وفسروها بالفعل وسموها اسم فعل. ولا يصح أن تكون موضوعة بمعنى حسب لأن كلا منهما لا يستعمل استعمال الآخر.
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»