وصاحب هذا القيل هو سيبويه وهذا نصه: وأما قول جرير: لا كالعشية زائرا ومزورا فلا يكون إلا نصبا من قبل أن العشية ليست بالزائر وإنما أراد لا أرى كالعشية زائرا كما تقول ما رأيت كاليوم رجلا فكاليوم مثل قولك في اليوم لأن الكاف ليست باسم. وفيه معنى التعجب كما قال تالله رجلا وسبحان الله رجلا إنما أراد تالله ما رأيت رجلا وسبحان الله ما رأيت رجلا لكنه يترك إظهار الفعل استغناء لأن المخاطب يعلم أن هذا الموضع إنما يضمر فيه هذا الفعل لكثرة استعمالهم إياه انتهى.
قال الأعلم: أصله لا أرى زائرا ومزورا كزائر العشية ومزورها فحذف اختصارا للعلم كما قالوا: ما رأيت كاليوم رجلا أي: كرجل أراه اليوم. ولا تجيزن في هذا رفع الزائر لأنه غير العشية وليس بمنزلة لا كزيد رجل لأن زيدا من الرجال انتهى.) وقد نقل أبو العباس ثعلب في أماليه قاعدة لحذف الفعل مع الظرف الزماني قال: حكى الكسائي نزلنا المنزل الذي البارحة والمنزل الذي آنفا والمنزل الذي أمس. فيقولون في كل وقت شاهدوه من قرب ويحذفون الفعل وحده كأنهم يقولون: نزلنا المنزل الذي نزلنا أمس والذي نزلناه اليوم اكتفوا بالوقت من الفعل إذ كان الوقت يدل على الفعل وهو قريب. ولا يقولون الذي يوم الخميس ولا الذي يوم الجمعة.
وكذا يقولون: لا كاليوم رجلا. ولا كالعشية رجلا ولا كالساعة رجلا فيحذفون مع الأوقات التي هم فيها. وأباه الفراء مع العلم. وهو جائز وأنشد: لا كالعشية زائرا ومزورا