خزانة الأدب - البغدادي - ج ٤ - الصفحة ٥٥
قد لفها الليل أي: الليل جعل هذا الرجل ملتفا بها. وإنما نسب الفعل إلى الليل لأن الليل حمله على الجد في السير. وجعله مهاجرا والمهاجر الذي هاجر إلى الأمصار من البادية فأقام بها وصار من أهلها) ليكون سيره أشد. و خص المهاجر لأنه من أهل المصر الذي يقصده فله بالمصر ما يدعوه إلى إسراع السير ويجوز أن يكون خص المهاجر لأنه أعلم بالأمور من الأعرابي وأبصر بما يحتاج إليه. و الأروع: الحديد الفؤاد. و الدوي: جمع دوية يريد أنه ذو هداية وبصر بقطع الفلوات والخروج منها. و العمرس: الشديد بفتح العين والميم وتشديد الراء وبالسين المهملات. و الدوي بتشديد الواو والياء قال في الصحاح: الدو والدوي: المفازة وكذلك الدوية لأنها مفازة مثلها فنسبت إليها كقولهم دهر دوار ودواري. وعرف بهذا السياق أنه مدح لهيثم في جودة حدائه المنشط للإبل في سيرها وأنه لا يقوم أحد مقلمه ولا يسد مسده في حدائها.
وظهر منه أيضا أن المراد لا مثل هيثم لا تأويله باسم الجنس لشهرته في صفة الحداء فتأمل.
وزعم بعض فضلاء العجم في شرح أبيات المفصل أن هذا الكلام تأسف وتحسر عليهما.
وكأنه فهم أنهما ماتا والشعر مرثية فيهما. أو هما غائبان عن المطي في تلك الليلة. تتمة قال أبو حيان في تذكرته: قال الكسائي في قول العرب لا أبا حمزة لك: أبا حمزة نكرة ولم ينصب حمزة لأنه معرفة. لكنهم قدروا أنه آخر الاسم المنصوب بلا فنصب الآخر كما تفتح اللام في لا رجل. وقال: سمعت العرب تقول: لا أبا زيد لك ولا أبا محمد عندك فعلة نصبهم محمدا وزيدا أنهم جعلوا أبا محمد وأبا زيد اسما واحدا وألزموا آخره نصب النكرة. انتهى.
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»