خزانة الأدب - البغدادي - ج ٤ - الصفحة ٤٤
وأنشد بعده وهو 3 (الشاهد التاسع والخمسون بعد المائتين)) وهو من أبيات سيبويه: البسيط * ما بال جهلك بعد الحلم والدين * وقد علاك مشيب حين لا حين * على أن الأولى أن تكون لا فيه زائدة لفظا ومعنى.
قال سيبويه: إنما أراد حين حين ولا بمنزلة ما إذا ألغيت.
قال الأعلم: وإنما أضاف الحين إلى الحين لأنه قدر أحدهما بمعنى التوقيت فكأنه قال: حين وقت حدوثه ووجوبه هذا تفسير سيبويه. ويجوز أن يكون المعنى: ما بال جهلك بعد الحلم والدين حين لا حين جهل وصبا فتكون لا لغوا في اللفظ دون المعنى انتهى.
ولم يتنبه ابن الشجري في أماليه لمراد سيبويه بعد نقل عبارته ففهم أن لا زائدة لفظا فقط فقال: حين الأول مضاف إلى الثاني وفصلت لا بين الخافض والمخفوض كفصلهما في جئت بلا شيء كأنه قال: حين لا حين لهو فيه ولعب أو نحو ذلك من الإضمار لأن المشيب يمنع من اللهو واللعب. هذا كلامه وقد أورده في معرض الشرح لكلام سيبويه.
وقد طبق المفصل أبو علي الفارسي في الحجة في الكلام على آخر سورة الفاتحة قال: لا فيه زائدة والتقدير: وقد علاك مشيب حين حين وإنما كانت زائدة لأنك إن قلت: علاك مشيب حينا فقد أثبت حينا علاه فيه المشيب. فلو جعلت لا غير زائدة لوجب أن تكون نافية على حدها في قولهم: جئت بلا مال فنفيت ما أثبت من حيث كان النفي بلا عاما منتظما لجميع الجنس فلما لم يستقم حمله على النفي للتدافع العارض في ذلك حكمت بزيادتها فصار التقدير: حين حين.
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»