وقال أبو محمد الأعرابي: هي ذات القرطين لدرتين كأنهما بيضتا نعامة أو حمامة.
وأراد بقوله: حول قبر أبيهم أنهم ملوك ذوو حاضرة ومستقر ليسوا أصحاب رحلة وانتجاع.
سئل الأصمعي بأنه ما أراد حسان به وأي مدح لهم في كونهم عند قبر أبيهم فقال: إنهم ملوك حلول في موضع واحد وهم أهل مدر وليسوا بأهل عمد. وقال غيره: معناه أنهم آمنون لا يبرحون ولا يخافون كما تخاف العرب وهم مخصبون لا ينتجعون.
قال السيد المرتضى في أماليه: هذا من الاختصار الذي ليس فيه حذف. أراد أنهم أعزاء مقيمون بدار مملكتهم لا ينتجعون كالأعراب. فاختصر هذاالمبسوط في قوله: حول قبر أبيهم.
قال: والاختصار غير الحذف وقوم يظنون أنهما واحد وليس كذلك لأن الحذف يتعلق بالألفاظ: وهو أن تأتي بلفظ يقتضي غيره ويتعلق به ولا يستقل بنفسه ويكون في الموجود دلالة على المحذوف فيقتصر عليه طلبا للاختصار. والاختصار يرجع إلى المعاني: وهو أن تأتي بلفظ مفيد لمعان كثيرة لو عبر عنها بغيره لاحتيج إلى أكثر من ذلك اللفظ. فلا حذف إلا وهو اختصار وليس كل اختصار حذفا. انتهى كلامه.
وأدرج ابن رشيق في العمدة هذا النوع في باب الإشارة قال: والإشارة من غرائب الشعر) وملحه وبلاغة عجيبة تدل على بعد المرمى وفرط القدرة وليس يأتي بها إلا الشاعر المبرز والحاذق الماهر وهي في كل نوع من الكلام لمحة دالة واختصار وتلويج يعرف مجملا ومعناه بعيد من ظاهر لفظه.
وقوله: يغشون حتى ما تهر كلابهم الخ بالبناء للمفعول أي: يتردد إليهم من غشيه: إذا جاءه.
وهر الكلب يهر من باب ضرب هريرا: إذا صوت وهو دون النباح. يعني أن منازلهم لا تخلو من الأضياف والفقراء فكلابهم