خزانة الأدب - البغدادي - ج ٣ - الصفحة ٣٢٣
المفضليات وحمزة الأصبهاني في الدرة الفاخرة قال: أغار تأبط شرا وهو ثابت بن جابر والشنفرى) الأزدي وعمرو بن براق على بجيلة بفتح الباء وكسر الجيم. فوجدوا بجيلة قد أقعدوا لهم على الماء رصدا فلما مالوا له في جوف الليل قال لهم تأبط شرا: إن بالماء رصدا. وإني لأسمع وجيب قلوب القوم أي: اضطراب قلوبهم قالوا: والله ما نسمع شيئا ولا هو إلا قلبك يجب فوضع يده على قلبه فقال: والله ما يجب وما كان وجابا قالوا: فلا والله ما لنا بد من ورود الماء فخرج الشنفرى فلما رآه الرصد عرفوه فتركوه فشرب ثم رجع إلى أصحابه فقال: والله ما بالماء أحد ولقد شربت من الحوض فقال تأبط شرا: بلى لا يريدونك ولكن يريدونني.
ثم ذهب ابن براق فشرب ثم رجع فلم يعرضوا له فقال: ليس بالماء أحد فقال تأبط شرا: بلى لا يريدونك ولكن يريدونني ثم قال للشنفرى: إذا أنا كرعت في الحوض فإن القوم سيشدون علي فيأسرونني فاذهب كأنك تهرب ثم ارجع فكن في أصل ذلك القرن فإذا سمعتني أقول: خذوا خذوا فتعال فاطلقني. وقال لابن براق: إني سآمرك إن تستأسر للقوم فلا تبعد منهم ولا تمكنهم من نفسك.
ثم أقبل تأبط شرا حتى ورد الماء فلما كرع في الحوض شدوا عليه فأخذوه وكتفوه بوتر وطار الشنفرى فأتى حيث أمره وانحاز ابن براق حيث يرونه فقال تأبط شرا: يا بجيلة هل لكم في خير هل لكم أن تياسرونا في الفداء ويستأسر لكم ابن براق فقالوا: نعم ويلك يا ابن براق إن الشنفرى قد طار فهو يصطلي نار بني فلان وقد علمت الذي بيننا وبين أهلك فهل لك أن تستأسر ويياسرونا في الفداء فقال: أما والله حتى أروز نفسي شوطا أو شوطين.
فجعل يعدو في قبل الجبل ثم يرجع حتى إذا رأوا أنه قد أعيا وطمعوا فيه اتبعوه ونادى تأبط شرا: خذوا خذوا فذهبوا يسعون في أثره فجعل يطعمهم ويبعد عنهم ورجع الشنفرى إلى تأبط شرا فقطع وثاقه فلما رآه ابن براق قد قطع عنه انطلق وكر إلى تأبط شرا فإذا هو قائم فقال: أعجبكم يا معشر بجيلة عدو
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 ... » »»