وأنشد بعده وهو الشاهد الرابع والسبعون بعد المائة يا سارق الليلة أهل الدار على أنه قد يتوسع في الظروف المنصرفة فيضاف إليها المصدر والصفة المشتقة منه فإن الليل ظرف متصرف وقد أضيف إليه سارق وهو وصف.
وقد وقع هذا في كتاب سيبويه. وأورده الفراء أيضا في تفسيره عند قوله تعالى فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله وقال: أضاف سارق إلى الليلة ونصب أهل. وكان بعض النحوييين ينصب الليلة ويخفض أهل فيقول: يا سارق الليلة أهل الدار هذا كلامه.
قال ابن خروف في شرح الكتاب: أهل الدار منصوب بإسقاط الجار ومفعوله الأول محذوف والمعنى: يا سارق الليلة لأهل الدار متاعا فسارق متعد لثلاثة أحدهما الليلة على السعة والثاني بعد إسقاط حرف الجر والثالث مفعول حقيقي. وجميع الأفعال متعديها ولازمها يتعدى إلى الأزمنة والأمكنة. انتهى.
وفيه نظر فإن أهل اللغة نقلوا: أن سرق يتعدى بنفسه إلى مفعولين قال صاحب المصباح وغيره: سرقه مالا يسرقه من باب ضرب وسرق منه مالا يتعدى إلى الأول بنفسه وبالحرف فجعل من في المثال الثاني زائدة. فالصواب أن الليلة هو المفعول الأول وأهل الدار بدل منها فيقتضي أن يكون منصوبا بسارق آخر لأن البدل على نية تكرار العامل والمفعول الثاني حذف لإرادة التعميم أي: متاعا ونحوه.
قال السيد في شرح الكشاف: وأهل الدار منصوب بسارق لاعتماه على حرف النداء كقولك: يا ضاربا زيدا ويا طالعا جبلا. وتحقيقه: أن النداء يناسب الذات فاقتضى تقدير الموصوف أي: يا شخصا ضاربا. انتهى.
ولم يجر للمفعول الثاني ذكرا وكأنه لوضوحه تركه.