فكانت الكتب لا تكتب إلا عن رأيه ولا ينفذ أمر إلا بعد توقيعه. وكان سخيا متلافا لا يمسك درهما. ومدحهما به ه القصيدة المقصورة فوصلاه بعشرة آلاف درهم. ثم انتقل من فارس إلى بغداد ودخلها سنة ثمان وثلاثمائة بعد عزل ابني ميكال وانتقالهما إلى خراسان. ولما دخل بغداد أنزله علي بن محمد في جواره وأفضل عليه وعرف الخليفة المقتدر العباسي مكانه من العلم فأجرى عليه في كل شهر خمسين دينارا ولم تزل جارية عليه إلى حين وفاته. وتوفي يوم الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة ببغداد.
وكان مواظبا على شرب الخمر قال أبو منصور الأزهري: دخلت عليه فرأيته سكران فلم أعدل إليه. وقال ابن شاهين: كنا ندخل عليه فنستحي مما نرى عنده من العيدان والشراب) المصفى. وعرض له في رأس التسعين من عمره فالج وسقي الترياق فبرئ وصح ورجع إلى أفضل أحواله. ثم عاوده الفالج بعد عام لغذاء ضار تناوله فكان يحرك يديه حركة ضعيفة وبطل من محزمه إلى قدميه فكان إذا دخل عليه داخل ضج وتألم لدخوله.
قال تلميذه أبو علي القالي: كنت أقول في نفسي: إن الله عز وجل عاقبه لقوله في هذه المقصورة يخاطب الدهر:
* مارست من لو هوت الأفلاك من * جوانب الجو عليه ما شكا * وكان يصيح من الداخل عليه صياح من ينخس بالمسالأ والداخل بعيد وكان مع هذه الحال ثابت الذهن كامل العقل. وعاش مع الفالج عامين. وكنت أسأله عن أشياء في اللغة فيرد بأسرع من النفس بالصواب. وقال لي مرة وقد سألته عن بيت لئن طفئت شحمتا عيني لم تجد من يشفيك من اعلم. وكان ينشد كثيرا: