المنصور وكان يسايره أحسن مسايرة ويحاضره) أزين محاضرة ولا يبتدئه بخطاب إلا على وجه الجواب فإذا سأله أتى بأوضح دلالة وأفصح مقالة. فأعجب به المنصور غاية الإعجاب وقال للربيع: ادفع إليه عشرة آلاف درهم وكان الفتى مملقا مضطرا فتشاغل الربيع عن القضاء واضطرته الحاجة إلى الاقتضاء وقيل قال له الربيع: لا بد من معاودته وإن أحببت دفعت إليك سلفا من عندي حتى أعاوده فيما أمر لك.
فأبقى ذلك حتى إذا كان في بعض الليالي قال عند منصرفه مبتدئا: وهذه الدار يا أمير المؤمنين يا بيت عاتكة الذي أتعزل ثم سكت فأنكر المنصور هذا من حاله وفكر فيأمره فعرض الشعر على نفسه فإذا فيه.
* وأراك تفعل ما تقول وبعضهم * مذق الحديث يقول ما لا يفعل * فقال للربيع: أدفعت للرجل ما أمرنا له به قال: لا يا أمير المؤمنين. قال: فليدفع إليه مضاعفا.
وهذا أحسن إفهام من الفتى وأحسن فهم من المنصور. ولم يسمع في التعريض بألطف منه.
ولقول الأحوص سبب ذكره عبد الله بن عبيدة بن عمار بن ياسر قال: خرجت أنا والأحوص بن محمد مع عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى الحج فلما كنا بقديد قلنا لعبد الله بن الحسن: لو أرسلت إلى سليمان بن أبي دباكل الخزاعي فأتشدنا نمن رقيق شعره فأرسل إليه. فأنشدنا قصيدة له يقول فيها:
* يا بيت خنساء الذي أتجنب * ذهب الزمان وحبها لا يذهب * * أصبحت أمنحك الصدود وإنني * قسما إليك مع الصدود لأجنب *