خزانة الأدب - البغدادي - ج ٢ - الصفحة ٣٨٦
* ولما رأيت الخيل زورا كأنها * جداول زرع أرسلت فاسبطرت * * فجاشت إلي النفس أول مرة * فردت على مكروهها فاستقرت * * علام تقول الرمح يثقل عاتقي * إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرت * * لحا الله جرما كلما ذر شارق * وجوه كلاب هارشت فازبأرت * * فلم تغن جرم نهدها أن تلاقيا * ولكن جرما في اللقاء ابذعرت * * ظللت كأني للرماح درية * أقاتل عن أبناء جرم وفرت * * فلو أن قومي أنطقتني رماحهم * نطقت ولكن الرماح أجرت * هذا المقدار أورده أبو تمام في الحماسة. وفي ديوانه أكثر من هذا.
وقصة هذه الأبيات: هو ما حكاه المفضل الطبرسي في شرح الحماسة: أن جرما ونهدا وهما قبيلتان من قضاعة كانتا من بني الحارث بن كعب فقتلت جرم رجلا من أشراف بني الحارث فارتحلت عنهم وتحولت في بني زبيد. فخرجت بنو الحارث يطلبون بدم أخيهم فالتقوا فعبأ عمر و جرما لنهد وتعبأ هو وقومه لبني الحارث. ففرت جرم واعتلت بأنها كرهت دماء نهد) فهزمت يومئذ بنو زبيد. فقال عمر و هذه الأبيات يلومها. ثم غزاهم بعد فانتصف منهم.
فقوله: زورا هو جمع أزور وهو المعوج الزور بالفتح أي: الصدر. يقول: لما رأيت الفرسان منحرفين للطعن وقد خلوا أعنة دوابهم وأرسلوها علينا كأنها أنهار زرع أرسلت مياهها فاسبطرت أي: امتدت. والتشبيه وقع على جري الماء في الأنهار لا على الأنهار فكأنه شبه امتداد الخيل في انحرافها عند الطعن
(٣٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 ... » »»