خزانة الأدب - البغدادي - ج ٢ - الصفحة ٣٩٠
وأما إذا و إذا في البيت ففيهما نظر: وذلك أن كل واحدة منهما محتاجة إلى ناصب هو جوابهما وكل واحدة منهما جوابها محذوف يدل عليه ما قبلها. وشرح ذلك أن تقول: إن إذا الأولى جوابها محذوف حتى كأنه قال: إذا أنا لم أطعن وجب طرحي الرمح عن عاتقي. فدل قوله: علام تقول الرمح يثقل عاتقي على ما أراده من وجوب طرح الرمح إذا لم يطعن به) كقولك: أنت ظالم إن فعلت أي: إن فعلت ظلمت ودلك أنت ظالم على ظلمت. وهذا باب واضح.. وإذا الأولى وما ناب عن جوابها في موضع جواب إذا الثانية أي: نائب عنه ودال عليه وتلخيصه: أنه كأنه قال: إذا الخيل كرت وجب إلقائي الرمح مع تركي الطعن به. ومثله من التركيب: أزورك إذا أكرمتني إذا لم يمنعني من ذلك مانع فاعرف صحة الغرض في هذا الموضع فإنه طريق ضيق وكل مجتاز فيه قليل التأمل لمحصول حديثه فإنما يأنس بظاهر اللفظ ولا يوليه والتبريزي جعل إذا الأولى ظرفا لقوله: يثقل وإذا الثانية ظرفا لقوله: لم أطعن بضم العين لأنه يقال: طعنه بالرمح من باب قتل.
وقوله: لحا الله جرما.. الخ أصل اللحو نزع قشر العود. يدعو عليهم بالهلاك: أي: قشرهم الله غداة كل يوم. والذرور في الشمس بالذال المعجمة: أصله الانتشار والتفريق ويقال: ذرت الشمس: طلعت. و شارق: الشمس. و كلما منصوب على الظرف. ووجوه: منصوب على الذم والشتم ويجوز أن يكون بدلا من جرما. و هارشت في الصحاح: الهراش: المهارشة بالكلاب وهو تحريش بعضها على بعض.
وقوله: فازبأرت أي: انتفشت حتى ظهر أصول شعرها وتجمعت للوثب. وهذه الحالة أشنع حالات الكلاب. وهذا تحقير للمشبه وتصوير لقباحة منظره. شبه وجوههم بوجوه الكلاب في هذه الحالة.
(٣٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 395 ... » »»