خزانة الأدب - البغدادي - ج ٢ - الصفحة ٣٩٧
النعمان فبعد أن هرب النابغة ومكث عند آل جفنة أرسل إلى النعمان قصائد يعتذر إليه بها ويحلف له: أنه ما فرط منه ذنب.
واشتد ذلك على النعمان وعرف أن الذي بلغه كذب. فبعث النعمان إلى النابغة: إنك لم تعتذر من سخطة إن كانت بلغتك ولكنا تغيرنا لكمن شيء مما كنا لك عليه ولقد كان في قومك ممنع وتحصين فتركته ثم انطلقت إلى قوم قتلوا جدي وبيني وبينهم ما قد علمت. وكان النعمان وأبوه وجده قد أكرموا النابغة وشرفوه وأعطوه مالا عظيما حتى كان لا يأكل ولا يشرب إلا في أواني الذهب والفضة. فرضي عنه النعمان ووهب له مائة بعير من عصافيره وهي إبل كانت للنعمان تسمى بها.
والنابغة قد تقدمت ترجمته في الشاهد الرابع بعد المائة.
والنعمان هذا آخر ملوك الحيرة. ثم ولي بعده إياس بن قبيصة الطائي ثمانية أشهر واضطرب ملك فارس وضعفوا وكانت ملوك الحيرة من تحت أيديهم وأتى الله عز وجل بالإسلام فغزا أهله النبي صلى الله عليه وسلم.
وأول من ملك الحيرة مالك بن فهم بن عمرو بن دوس بن الأزد. ملك العرب بالعراق عشرين سنة. والحيرة هي أرض في العراق بلدة قريبة من الكوفة. قال الهمداني في جزيرة العرب: سار تبع أبو كرب في غزوته الثانية. فلما أتى موضع الحيرة خلف هناك مالك بن فهم بن غنم بن دوس على أثقاله. وتخلف معه من ثقل من أصحابه في نحو اثني عشر ألفا.
وقال: تحيروا هذا الموضع فسمي الموضع الحيرة وهو من قولهم: تحير الماء.
(٣٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 ... » »»