خزانة الأدب - البغدادي - ج ٢ - الصفحة ٣٩١
وقوله: فلم تغن جرم.. الخ أي: لم تقاوم جرم نهدا بل فرت منها. وقال الطبرسي: لم تغن أي: لم تكف جرم نهدا ولكنها فرت. قال الشاعر: وأغن نفسك عنا أيها الرجل وابذعرت: تفرقت. وقال الإمام المرزوقي والمعنى: لم تنصر جرم نهدا وقت الالتقاء ولكن جرما انهزمت وهامت على وجهها فمضت واصطلت نهد بنار الحرب ومست حاجتها إلى من ينصرها ويذب عنها الأعداء. وأضاف نهدها إلى ضمير جرم أن اعتمادهم كان عليها واعتقادهم الاكتفاء بها ا. ه.
وهذا غفلة عن سبب الأبيات. وإضافة نهد إلى ضمير جرم للملابسة فإن جرما أعدت لمقاتلة نهد كما أن زبيدا أعدت لمقاتلة بني الحارث.
وقوله: ظللت كأن.. الخ أي: بقيت نهاري منتصبا في وجوه الأعداء والطعن يأتي من) جوانبي أذب عن جرم وقد هربت. فالدرية هي الحلقة التي يتعلم عليها الطعن وأما الدرأة بالهمز فهي الدابة التي يستتر بها من الصيد يقال: درأتها نحو الصيد وإلى الصيد وللصيد: إذا سقتها من الدرء وهو الدفع. وجملة كأني خبر ظللت. وجملة أقاتل حال ويجوز العكس.
قال يوسف بن السيرافي في شرح شواهد إصلاح المنطق: يقول: صرت لكثرة الطعن في ودخول الرماح في جسدي كالحلقة التي يتعلم عليها الطعن. وحكايته: أن جرما كانت مع زبيد ونهدا مع بني الحارث بن كعب فالتقوا فانهزمت جرم وبنو زبيد وكاد عمر و يؤخذ وقاتل يومئذ قتالا شديدا.
وقوله: فلو أن قومي يقول: لو صبروا وطعنوا برماحهم أعداءهم لأمكنني مدحهم ولكن فرارهم صيرني كالمشقوق اللسان لأني إن مدحتهم بما لم يفعلوا كذبت ورد علي. يقال: أجررت لسان الفصيل: إذا شققت لسانه لئلا يرضع أمه. قال أبو القاسم الزجاجي في أماليه الوسطى أخبرنا ابن شقير قال: حضرت المبرد وقد سأله رجل عن معنى قول الشاعر: فلو أن قومي أنطقتني رماحهم..................... البيت
(٣٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 386 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 ... » »»