خزانة الأدب - البغدادي - ج ١ - الصفحة ٣٦٤
وهذا غير صحيح فإن معن بن زائدة متأخر عن الفرزدق فإنه قد توفي الفرزدق في سنة عشر ومائة وتوفي معن بن زائدة في سنة ثمان وخمسين ومائة وقوله ولا منسئ هو اسم فاعل من أنسات الشيء أخرته ويقال أيضا نسأته فعلت وأفعلت بمعنى فالمفعول محذوف أي حقه قال الشارح الرواية بجر منسئ وإذا رفعته فهو خبر مقدم على المبتدأ أقول الجر يكون بالعطف على مدخول الباء الزائدة ومعن فاعله أقيم مقام الضمير فيكون من تتمة الجملة الأولى وإذا رفع كان من جملة أخرى وبالرفع أنشده سيبويه قال الأعلم استشهد به سيبويه على أن تكرير الاسم مظهرا من جملتين أحسن من تكريره في جملة واحدة فلو حمل البيت على أن التكرير من جملة واحدة لقال ولا منسئ معن عطف على قوله بتارك حقه ولكنه كرره مظهرا ولما أمكنه أن يجعل الكلام جملتين استأنف الكلام فرفع الخبر وقال أعلم أن الاسم الظاهر متى احتيج إلى تكرير ذكره في جملة واحدة كان الاختيار أن يذكر ضميره لأن ذلك أخف وأنفى للشبهة واللبس كقولك زيد ضربته ولو أعدت لفظه بعينه في موضع كنايته لجاز ولم يكن وجه الكلام كقولك زيد ضربت زيدا على معنى زيد ضربته وإذا أعدت ذكره في غير تلك الجملة جاز إعادة ظاهره وحسن كقولك مررت بزيد وزيد رجل صالح قال تعالى * (وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله الله أعلم حيث يجعل رسالته) * فأعاد الظاهر لأن قوله الله أعلم ابتداء وخبر وقد مرت الجملة الأولى فإذا قلت ما زيد ذاهبا ولا محسن زيد جاز الرفع والنصب فإذا نصبت فقلت ولا محسنا زيد جعلت زيدا هذا الظاهر بمنزلة كنايته فكأنك قلت ما زيد ذاهبا ولا محسنا كما تقول ولا محسنا أبوه فتعطف محسنا على ذاهبا وترفع زيدا بفعله وهو محسن فإذا رفعت جعلت زيدا كالأجنبي ورفعته بالابتداء وجعلت محسنا خبرا مقدما
(٣٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 ... » »»