من فقه الجنس في قنواته المذهبية - الدكتور الشيخ أحمد الوائلي - الصفحة ٩
هذه النصوص تحاشيا من القول بأنه توسع في فهم المعني أو كتب ما في ذهنه فيما لو جئت بمضمونها فقط دون ذكر العبارة. وفي ذلك كما أرى سلوك لدرب أمين وتطمين للقارئ بسلامة الاستنتاج فقد ولد لنا العصر نمطا من القراء ذوي الاحكام المرتجلة وهواة الركض دون الإحاطة، فراحوا ينفون ما لم يحيطوا بعمله وقد نضحك من بعضهم حين يجزم بضرس قاطع في نفي موضوع قصر عن الإحاطة به أو كره أن يكون موجودا فبادر إلى نفيه، والكارثة أن هؤلاء يحملون شهادات أكاديمية وأسماء طنانة، كان يسمى أحدهم رئيس قسم التاريخ أو رئيس قسم الفلسفة في جامعة كذا، ولدي قسم كبير أحتفظ بأسمائهم لوقت الحاجة. فكان لابد من النصوص وإثباتها في كل مورد. وإن كان حتى هذا المنهج لا يسلم من تهويش البعض الذي لم يرقه أن تكون لغيرة منقبة أو أن يكون رأي غيره أصوب من رأيه، فقد تسمع الدكتور احمد شلبي - والرجل يحمل سلة مملوءة من الشهادات - يقول: " إن حديث غدير خم لا يوجد الا في كتب الشيعة " مع أن رواته من السنة بالطرق الصحيحة بالعشرات ومن الف فيه من السنة كثيرون، ومنهم الطبري صاحب التفسير والتاريخ الف في طرقه الصحيحة مجلدين.
وقد تسمع مثل الدكتور علي سامي النشار في كتاب أسس الفلسفة الاسلامية يقول: " إن حديث: " من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية " هو حديث شيعي جاءوا به ليصححوا مذهبهم في الإمامة " والحال أن هذا الحديث رواه جمع من السنة بطرق متعددة وبعضها عن معاوية بن أبي سفيان الذي يحترمه النشار وغيره، وممن رواه أبو داود في مسنده، والحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد وغيرهم ممن ذكرهم الكتاب. ومن أحب التوسع فليراجع (1) إن أمثال هؤلاء

(1) الغدير للأميني ج 1 ص 158 ط النجف الأولى، وإمامة علي بين العقل والقران لمحمد جواد مغنية ص 63 طبع بيروت 1970.
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»