النظرات حول الإعداد الروحي - الشهيد حسن معن - الصفحة ٢٦٦
للعزلة الواعية التي يؤمن بها الاسلام ويدعو لها ويحث عليها.. وهي كما تساعد على الانشداد إلى الله تعالى تساعد كذلك على مراجعة الذات وتقييمها والتعرف على مواطن الضعف والقوة فيها بعيدا عن ضوضاء العمل الاجتماعي، والانشغال بالناس ومعهم.
ويوجد من جهة أخرى من يحسب أنه في قمة الاخلاص.. لأنه لا يطلب من وراء عمله مالا، ولا منصبا حكوميا.. وانه لو أراد ذلك فطريقه معروف، ولم يكن من الضروري، أو اللازم ان يسلك طريق الجهاد والعمل الدؤوب.. ولكن الانسان أعقد من ذلك، ودوافعه الذاتية لا تنحصر في المال، والمنصب الحكومي.. ولكل انسان مخاطبوه، والبيئة التي يتعامل معها وللانسان أهواء معنوية كما له أهواء مادية.. فهناك من يحب أن يظهر..
وهناك من يسعى نحو الجاه، والمركز في قلوب الناس.. والرياء - كما في الحديث - اخفى من دبيب النملة في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء لان حب الدنيا متمكن من قلوب الناس.. وتساميهم عليها، وتوجههم إلى الله من الأمور الصعبة.. ورغم كل ذلك، فالاخلاص ليس مستحيلا، ولا بعيد المنال، يوفق الله تعالى له، من يبذل الجهد ويصدق النية في محاولة التنمية الروحية، والتربية الدينية والتصاعد إلى الله، فلا ينبغي ان تكون صعوبة الاخلاص حاجزا دون السعي إليه.. والتنصل منها.. وللمؤمن مجالات عديدة لشحذ اخلاصه، وتنمية دوافعه الدينية.. عاشر الناس.. وعش انحرافهم.. وتحسس به، وانطلق في عملك غاضبا لله.. علم نفسك على عبادة السر صلاة السر.. وتسبيح السر..
وصدقة السر ولا تحدث بذلك الناس.. فان ذلك تثبيت للصلة بالله تعالى
(٢٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»